حرية – (23/1/2023)
ذو الفقار الجبوري
من واقع التدبير الأنسب، والمصلحة العُليا، أرسى مجلس القيادة الرئاسي في اليمن علاقاتٍ وطيدةً مع أقرب حلفائه، خصوصا الجارة الكبرى المملكة العربية السعودية، ومنذ الوهلة الأولى لتشكيله، ويكفي للدلالة على ذلك وبعد إعلان قيام المجلس ليتولى قايدة البلاد عب رالسلطة المعترف بها دوليا، أعلنت المملكة تقديم ثلاثة مليارات دولار بالشراكة مع حليفتها دولى الإمارت، لمعافاة اقتصاد البلد المنهك ودعم الأنشطة التنموية.
شكلت الإمارات والسعودية، منذ العام 2015، قُطبين مهمّين أدارا العملية العسكري للتحالف بكفاءة مكّنت من استعادة وتأمين ما مساحته 80% من الأراضي اليمنية، كان الحوثيون قد ابتلعوا أغلبها وشارفوا على التهام ما تبقى منها. ومثلما كان الدور العسكري مهمًا، كان الدور الاقتصادي والسياسي والدبلوماسي بالأهمية ذاتها.
الصحفي فيصل حسان، يرى أن ثمة نُذر خطر ومؤشرات على وجود أراجيف ومخططات تهدف لتقويض العلاقة الوثيقة بين المجلس الرئيس والتحالف الذي تقوده السعودية ؛ مشيرا إلى أن “الحرب أفرزت بعض هذه التحديات كمواقف طبيعية معادية يبديها الحوثيون؛ إلا أن مواقف مشوّهة تبدو للعيان بذات النهج من داخل قوى لطالما حسبت على معسكر السلطة الشرعية”.
وقال حسان، إن الطرف الذي يمثل حزب الإصلاح اليمني، ذراع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، يؤدي دورين في الوقت ذاته، دور الشريك ودور الخصم. مستطردًا: “في الوقت الذي يُعتبر الإصلاح شريكا في مجلس القيادة الرئاسي إلا أنه لا يتورع عن استغلال كل فرصة، واختلاق أخرى لضرب تماسك المجلس وافقاده توزنه ومهاجمة حلفائه”.
بدوره أفاد الكاتب والصحفي أدونيس الدخيني، أن مسألة العداء المُبطن من قبل الإصلاح أصبحت صريحة وتعدت ذلك إلى ان غدت مسألة منسقة مع الحوثيين؛ مستشهدًا بالمؤتمر الذي عقدته قيادات من حزب الإصلاح ومقربين منه في الولايات المتحدة الأمريكية مؤخرًا بنمط واضح وبيّن يتضمن النهج المُتبع من قبل الحوثيين في الهجوم ضد السعودية والإمارات.
وأشار الدخيني، إلى أن ثمة بالتأكيد تنسيق خفي لتبادل الأدوار في هذا النهج المتطور من علاقات الإخوان والحوثيين إلى درجة الاستبسال في مماثلة الخطاب الإعلامي والدعائي والمواقف السياسية وحتى توجيه القواعد الشعبية والمناصرين لكلا التيارين في نفس هذا الاتجاه. لافتا إلى أن هذا الخطاب التحريضي ضد أكثر جارين مرتبطين بقضايا اليمن ويقدمان له كل الدعم “يستهدف بالدرجة الأولى تجريد مجلس القيادة الرئاسي من علاقاته بجواره فضلا عن إطلاق الأدخنة في فضاء الجهود السياسية المُقوّضة”.
وعن الأسباب من وراء هذا التصعيد، أكد الدخيني أن “اتفاق اليمنيين على كلمة سواء أمر ينظر إليه الحوثيون والإخوان على أنه تهديد مصيري لهم. الحوثيون يرغبون بإدامة الحرب كونهم جماعة منبوذة ولن تجد تفوقا سياسيا في الظروف الهادئة، بينما الإخوان يتغذون من واقع الاحتقان والفوضى ويدركون أنهم تيار لم يعد له أي قبول؛ لذلك يستميتون لإفشال أي تقدم في المسار السلمي والتوافقي، للحفاظ على حالة الحرب والفوضى كما هي”.
كان الإخوان المسلمون على وجه الخصوص قد عمقوا سيطرتهم على مؤسسات الدولة منذ عام 2012 بعد إسقاط الدولة ونظامها باحتجاجات ما عرف بالربيع العربي، إلا أنهم سجلوا أداء كارثيا انتهى بسيطرة المليشيات الشيعية المدعومة من إيران على عاصمة البلاد ومعظم المحافظات بانقلاب أيلول 2014، لتندلع حرب مدمرة أخفق الإخوان المسلمون فيها أيضا فعلى الرغم مما حصلوا عليه من دعم عسكري أخفقوا في تحقيق اي انتصار يذكر على الحوثيين رغم أيضا أنهم حظيوا بغطاء جوي من التحالف العربي، غير أن تركيز الإخوان المسلمين انصب طوال السنوات الماضية على السيطرة على السلطة والموارد المالية للبلاد، من خلال السييطرة على الحكومة ومؤسسة الرئاسية فقد تمكنوا من فعل ذلك لسبع أو ثمان سنوات، قبل أن يعقد اليمنيون مؤتمر مشاروات الرياض في إبريل نيسان الماضي تحت مجلس التعاون الخليجي وفي مقر المجلس بالرياض، ويخرجوا بقرار إقامة مجلس رئاسة يضم كل القوى المؤثرة ف يالمشهد الميداني من دون هيمنة طرف، وهو ما أثار حفيظة الإخوان لسملمين بشكل عنيف، وصل إلى حد التمرد على قرارات مجلس الرئاسة كما حدث في محافظة شبوة شرقي البلاد في أغسطس من العام الماضي.
وعن ذلك يقول الصحفي الدخيني: “يعتقد حزب الاصلاح (ذراع الإخوان في اليمن) أن السلطة والنفوذ والثروة والموارد أو جزء كبير منها قد فقد من أيديهم بقيام مجلس رئاسة، وهي أمور يرون أن من حقهم الهيمنة عليها وعلى البلاد على اعتبار أن السلطة يجب أن تكون لهم في زمن ما بعد الربيع العربي، والأمر يمتد للتنظيم الأم (جماعة الإخوان) والذي لم يتقبل فكرة أن خسر اليمن أيضا بعد خسارتة السيطرة على مصر والسودان وتونس، وهو بذلك يدفع بذراعه اليمني لمواجهة مجلس القيادة والتحالف مستخدما كل الأساليب الممكنة ليفشل المجلس.