حرية – (24/1/2023)
يشكّل قرار الإمارات البدء بتدريس المحرقة في المناهج الدراسية الحكومية مؤشرا إضافيا على التقارب المتواصل مع إسرائيل، لكن الخطوة تلقى تشكيكا في العالم العربي.
في الجناح التذكاري لضحايا محرقة اليهود في الحرب العالمية الثانية في متحف “معبر الحضارات” في دبي، وهو الوحيد من نوعه في العالم العربي، يشيد اندرياس دون الذي يزور المكان، بالقرار.
ويقول الخبير المالي البريطاني (38 عاما) المقيم في دبي “جيّد أن تأخذ الإمارات زمام المبادرة في العالم العربي بشأن هذا الجزء الهام للغاية من التاريخ الذي يجب أن يعرفه الجميع”.
ويضيف “هذا يظهر أن الامور تتغيّر”.
وجاء دون لزيارة المعرض بعدما سمع بإعلان الإمارات أنها ستدرّس محرقة اليهود على أيدي النازيين في منهاجها الدراسي الرسمي، وهي أول دولة عربية تقوم بذلك.
ولم تلق الخطوة ثناء واسعا. فقد أقيمت دولة إسرائيل عام 1948 في أعقاب المحرقة النازية خلال الحرب العالمية الثانية، وعلى حساب الفلسطينيين.
ونتيجة التضامن الواسع في المنطقة مع الفلسطينيين، لا يتم التطرّق كثيرا الى موضوع المحرقة في المنطقة. وفي معظم الدول العربية، لا تتضمن الخرائط الجغرافية التي يتم تدريسها اسم إسرائيل، بل هو إما “فلسطين المحتلة” وإما “الكيان الصهيوني”.
ويقول أستاذ العلوم السياسية الإماراتي عبد الخالق عبد الله لوكالة فرانس برس “الهولوكوست واقعة تاريخية تُستخدم من إسرائيل لأغراض سياسية”.
وبحسب عبد الله، “إسرائيل تسيسه وتسيء استخدامه لأغراضها السياسية الخاصة”.
بين الإنكار والتعاطف
ووقّعت الإمارات والبحرين والمغرب في عام 2020 اتفاقات تطبيع العلاقات مع الدولة العبرية. وندّد الفلسطينيّون بهذه الاتّفاقات التي تتعارض، بالنسبة اليهم، مع الإجماع العربي الذي جعل حلّ النزاع الإسرائيلي الفلسطيني شرطًا أساسيا لإحلال السلام مع إسرائيل.
وكانت السفارة الإماراتية في واشنطن أعلنت في وقت سابق هذا الشهر، عبر تويتر، أنه سيتم “إدراج المحرقة في مناهج المدارس الابتدائية والثانوية” دون الادلاء بمزيد من التفاصيل.
ونقلت التغريدة عن المسؤول الإماراتي علي النعيمي، وهو أحد مهندسي “اتفاقات ابراهام” (اتفاقات التطبيع التي تمت برعاية أميركية)، قوله “يُعد إحياء ذكرى ضحايا المحرقة اليهودية أمرا بالغ الأهمية”.
ويرى أحمد عبيد المنصوري الذي أسّس “متحف معبر الحضارات” الذي يستضيف جناحا حول الهولوكوست، “من المهم تدريس المحرقة في المنطقة، لأن الإنكار منتشر بشدة”.
ويقول “إن أردنا أن يتعاطف الناس معنا، علينا التعاطف مع الآخرين”.
في المعرض، كتاب للزوّار يشاركون آراءهم من خلاله. وتوجد فيه تعليقات إيجابية وأخرى معادية لإسرائيل، من بينها باللغة العربية “من ظُلم بجب أن يدافع عن المظلومين ولا يظلُم”، بينما كتب زائر آخر “لتسقط الإمبريالية الصهيونية” و”دمروا إسرائيل”.
– “القضية الفلسطينية مقدسة” –
وتدرّس مدارس خاصة في الإمارات التي يشكّل الأجانب حوالى 90 في المئة من سكانها البالغ عددهم 10 ملايين، المحرقة في مناهجها الدراسية.
وتشاورت وزارة التعليم الإماراتية مع معهد مراقبة السلام والتسامح الثقافي في التعليم المدرسي (امباكت)، ومؤسسة النصب التذكاري لمحرقة اليهود (ياد فاشيم)، لوضع برنامجها.
ويقول ماركوس شيف، من “إمباكت”، وهو معهد إسرائيلي- بريطاني، “عنصر المحرقة جزء بسيط للغاية من كل المنهاج، ويتم العمل عليه الآن”.
وبحسب “ياد فاشيم”، هذه “المبادرة ما زالت قيد التطوير”، مشيرا الى أنه ما زال من “المبكر للغاية” الإدلاء بمزيد من التفاصيل.
ويقول أليكس بيتروفروند، أحد زعماء الجالية اليهودية في الإمارات ويعيش فيها منذ 2014، إنه “فخور” بهذه التغييرات.
ويضيف بيتروفوند البلجيكي (56 عاما) الذي قتل جدان له في المحرقة، “عبر تعليم المحرقة، ترغب الإمارات في إظهار إمكانية ما سيحدث إن لم يتمكن أشخاص من ديانات وثقافات مختلفة من العيش معا”.
ولكن هند الأنصاري من مركز “ويلسون” للأبحاث في واشنطن ترى من جهتها أن تعليم المحرقة لن يؤدي إلى تغيير سريع.
وتؤكد أن تعليم الهولوكوست “لن يؤدي على الأرجح إلى المزيد من التسامح تجاه إسرائيل في المستقبل القريب”، مشيرة إلى أن “القضية الفلسطينية مقدسة في العالم العربي، بما في ذلك بين الغالبية العظمى من الإماراتيين”.