حرية – (25/1/2023)
حمزة مصطفى
أن تقرأ في الغالب لاتخطط لايهم إن كنت قارئا عاديا بلغة فرجينيا وولف أم إنتقائيا. قد تقرأ كل جديد إن كان في حقل إختصاصك او ربما تزحف الى حقول أخرى ولو من باب الإطلاع, أو “تبحوش” في مكتبتك عن كتب كنت إشتريتها ولم تجد الوقت المناسب لقراءتها. أن تكتب تلك هي المسألة. الكتابة نوعان, نوع ما أنت مطالب به على غرار هذا العمود الأسبوعي هنا في “الزوراء”. النوع الآخر هو الذي تقترحه أنت لنفسك بصرف النظر عن الحجم والحقل وهل هو مجرد بحث ينشر في مطبوع أو تنشره على الأنترنت أو ربما يصل الى مرحلة الكتاب؟. هنا تنتقل من مرحلة الهامش الى المتن. وعند المتن تسكب العبرات. فالبحوث الطويلة تختلف عن الأعمدة والمقالات القصيرة لجهة إنها ـ البحوث الطويلةـ تحتاج الى منهجية وتخطيط ومصادر. وهذه كلها تحتاج وقت وربما تفرغ لمن يريد تقديم مايعتقد أنه جديد. وحتى يحين الوقت فسوف أستمر في “القشمرة” حتى حين فكان لابد من إعادة ترتيب قراءاتي وذلك عن طريق الإنتهاء من الكتب المكدسة حسب التصنيف. قررت ابدا لما تحت يدي من مذكرات. بدأت بمذكرات محمد حسنين هيكل “المذكرات الخفية” التي أشرف عليها الكاتب المصري محمد الباز. ولأنني من جيل أعجب بهيكل ومدرسته الصحفية العملاقة. هيكل كتب هذه المذكرات في أواخر أيامه تقريبا فإن معظم إن لم يكن كل من كتب عنهم كانوا قد إنتقلوا الى دار البقاء, ولحق هو بهم بعد سنوات (توفي هيكل 2016). ومع أنني أصدق بكل مايرويه هيكل فإن هناك من لا يصدق أو على الأقل يرى إنه يبالغ. لي حكاية مع هيكل رحمه الله حر من يصدقها وحر من لايصدقها. جاء هيكل الى العراق عام 1989 مدعوا في أحد المؤتمرات على ما أتذكر. كنت صحفيا شابا آنذاك. التقيته في فندق الرشيد حيث يحل ضيفا وكان معه حين التقيته رئيس وزراء مصر الأسبق عزيز صدقي. قدمت له نفسي مع إعجابي بكتبه التي كنت قراتها ومن بينها “خريف الغضب”. هيكل رحمه الله وأثناء الحديث عن هذا الكتاب قال لي.. هذا الكتاب صدر ضده 15 كتابا في مصر. من جانبي قلت له والكتاب السادس عشر في العراق. سالني مستغربا .. ما أسم هذا الكتاب ولمن؟ أجبته “سقوط مدرسة هيكل” والمؤلف هو عزيز السيد جاسم. كان المرحوم عزيز السيد جاسم مسجونا وقتذاك على خلفية كتابه “علي سلطة الحق”. سالني وهل عندك الكتاب أجبته نعم وإتفقنا أن أجلبه له مساء الى الفندق. بالفعل جلبت الكتاب لهيكل شكرني الرجل وغادرت. كان هيكل غادر هو الآخر الى مصر وبعد إسبوعين أستدعيت الى وزارة الإعلام . قيل لي الوزير “المرحوم لطيف نصيف جاسم” يريد “يشوفك” ومعك نسخة من كتاب عزيز السيد جاسم “سقوط مدرسة هيكل”. دخلت على الوزير فبادرني بالسؤال التالي.. هل التقيت هيكل؟ قلت له نعم عندما كان في بغداد؟ ماذا دار بينكما؟ سردت له القصة ويظهر إنه كان يبحث عن بيت القصيد عندما أخبرته إننا تحدثنا عن مدرسته الصحفية وكتاب السيد جاسم؟ سالني.. هو طلب منك الكتاب؟ أجبته لا لأنه لم يكن يعرف عنه شيئا لكن أنا الذي أخبرته وطلبه مني وأعطيته نسخة. صمت الوزير وشطب على ورقة كانت على مكتبه وقال لي .. إنصرف. إنصرفت وإنتهى الأمر. بعد مذكرات هيكل التي جعلتني أتذكر حكايتي معه إنتقلت الى مجموعة مذكرات ذات طابع نكدي. فبعد كتاب “إستراتيجيات كيسنجر” التي يروي فيها ذكرياته مع نيكسون أيام كان مستشارا للأمن القومي فوزيرا للخارجية, قرأت مذكرات خالد علي الصالح “على طريق النوايا الطيبة”. والصالح أول عضو قيادة قطرية لحزب البعث في خمسينيات القرن الماضي. يروي الصالح بالتفاصيل تاريخ من المؤامرات والمؤامرات المضادة ذات الطابع النكدي بينه ومع مجموعته التي تضم فؤاد الركابي ومجموعة علي صالح السعدي وآخرين. ولأنني بحاجة الى الإنتهاء مما لدي من أدب المذكرات إنتقلت الى كتاب الصحفي المعروف سهيل سامي نادر وعنوانه “سوء حظ”. اعتقد العنوان يكفي للتدليل على المضمون. بعد سوء حظ سهيل إنتقلت الى “أوراق سعدون حمادي” الذي لم يكن يضحك حتى في المناسبات الوطنية. القائمة لاتزال طويلة حيث تنتظري مذكرات جورج حبش ووديع حداد ومن بعدها قد أعود الى بحثي أو أبحث عن حجة أخرى للتأجيل لاسيما إنني إشتريت مؤخرا المجلدات الثمانية من “تاريخ العراق بين إحتلالين” لعباس العزاوي بناء على نصيحة الصديق إبراهيم الصميدعي و.. حبل التبريرات على الجرار.