حرية – (31/1/2023)
ذكر تقرير لمعهد واشنطن أن موسكو تشعر الآن بالجرأة لاستضافة قادة “المقاومة” العراقية بشكل علني دون أي دور حكومي بمن فيهم أولئك المصنفين على قائمة الإرهاب الأميركية. وخلافا لعهد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، لن تواجه موسكو الآن أي تداعيات دبلوماسية من العراق لانخراطها المباشر والعلني مع الميليشيات العراقية في ظل ما تسميها “عصائب أهل الحق” “حكومة المقاومة” تحت قيادة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
التقرير الذي أعده إريك يافورسكي مساعد لشؤون البحوث في “برنامج السياسة العربية” في معهد واشنطن أورد أنه في 26 تشرين الثاني 2022، سافر زعيم “حركة حزب الله النجباء” أكرم الكعبي إلى موسكو لعقد اجتماعات مع مسؤولين روس. واجتمع الكعبي مع ثلاثة مسؤولين. كان الأوّل مع ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي وممثل خاص” لبوتين لشؤون “الشرق الأوسط وأفريقيا”. وكان الاجتماع الثاني مع فيتالي نعومكين، وهو مستعرب في السبعينيات من عمره كتب أطروحته حول علماء الدين المسلمين في العصور الوسطى، وهو الآن أحد مستشاري بوتين، ضمن “نادي فالداي”، ومدير “معهد الدراسات الشرقية التابع للأكاديمية الروسية للعلوم”. وكان الاجتماع الثالث مع ألبير كرغانوف، وهو إمام تتاري ومفتي موسكو ورئيس “الجمعية الروحية لمسلمي روسيا” (إحدى المنظمات الإسلامية الرئيسية الثلاث في روسيا). وأجرت قناة “روسيا اليوم” مقابلة مع الكعبي.
ولفت التقرير إلى أنه بالنظر إلى هؤلاء المسؤولين معاً، فهم يشكلون مجموعة مهمة من المضيفين لهذا الاجتماع التجريبي الأول، “وليس هناك شك أنّ الكعبي التقى مع مسؤولي استخبارات آخرين في اجتماعات غير معلنة”. كما شملت زيارة الكعبي إلى موسكو إجراء محادثات حول سوريا، حيث لطالما كان “حزب الله النجباء” الوحدة الأجنبية الأكثر نشاطاً التي نشرتها “المقاومة” العراقية.
وبحسب التقرير لا تزال سوريا مصدر قلق للكعبي “وحركة النجباء”: إذ أعقب الزيارة لموسكو وقوع هجوم بثلاث طائرات مسيّرة هذا العام على “حامية التنف العسكرية” الأمريكية في سوريا في 20 كانون الثاني/يناير 2023، والذي تبّنته ميليشيا تطلق على نفسها اسم “تشكيل الوارثين” وتم تقييمها من قبل منصة “الأضواء الكاشفة للميليشيات” على تمتعها بـ “علاقة ارتباط أو قيادة وثيقة مع [أكرم الكعبي] و«حركة حزب الله النجباء”.
وفي اجتماع الكعبي مع نائب وزير الخارجية الروسي بوغدانوف، رفض الكعبي الوجود الأمريكي في العراق قائلاً إن “حزب الله النجباء” لن يسمح للولايات المتحدة بالاعتداء على أراضي العراق وثرواته من خلال مواصلة احتلالها له”. وقال بوغدانوف إن “حركة النجباء” “لعب دوراً هاماً وفعّالاً في مكافحة الإرهاب”. وأعرب عن اهتمامه بتعميق العلاقات مع العراق في مختلف المجالات.
واشار البيان الصحفي لـ “النجباء” الصادر في 26 تشرين الثاني 2022 حول الاجتماعات على أنها محاولة لبناء “فصل جديد” في العلاقة بين روسيا والعراق. وقد عبّر الشيخ ألبير كرغانوف والكعبي عن “تقديرهما لدور روسيا وإيران في منع… تشويه الأديان السماوية من قبل الغرب”. بحسب البيان الرسمي.
مستوى جديد من التواصل بين روسيا و”المقاومة”
يشير التقرير الى أنه سابقاً، كان فالح الفياض، رئيس “هيئة الحشد الشعبي” االمصنف على قائمة الولايات المتحدة لمنتهكي حقوق الإنسان، الشخص الوحيد المهم لـ “المقاومة”، الذي سافر إلى موسكو لعقد اجتماعات، ولم يكن آنذاك سوى موظف حكومي عراقي. وكان الفياض قد سافر للمرة الأخيرة إلى موسكو في 30 أيار/ مايو 2022 لعقد اجتماعات (مع بوغدانوف أيضاً)، حيث تمت مناقشة التعاون في مجال مكافحة الإرهاب. وفي 2 أيلول/ سبتمبر 2019، وبناءً على طلب من مكتب رئيس الوزراء آنذاك عادل عبد المهدي، سافر فياض إلى موسكو لطلب أنظمة دفاع جوي في أعقاب سلسلة من الضربات الإسرائيلية المزعومة ضد منشآت تابعة لـ “الحشد الشعبي”.
ويضيف التقرير الأميركي: غالباً ما يلتقي دبلوماسيون روس مع مختلف قادة “المقاومة” في بغداد. فزعيم “عصائب أهل الحق” والمصنف على قائمة الولايات المتحدة للإرهإبيين ومنتهكي حقوق الإنسان، قيس الخزعلي، يلتقي بانتظام مع السفراء الروس في بغداد، من بينها (اجتماع عقده) مؤخراً في 10 تشرين الثاني 2022 مع السفير الروسي في العراق ألبروس كوتراشيف. ومنذ بدء الحرب في أوكرانيا، زادت السفارة الروسية في بغداد من مشاركتها مع الجهات الفاعلة في “المقاومة”، ويبدو أنها تدعم مادياً عملياتها الدعائية الموالية لروسيا في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وهو جزء من جهد روسي أوسع نطاقاً لتشكيل السرد حول أوكرانيا في بيئة يرون فيها نجاحاً أكبر.
وتقدر منصة “الأضواء الكاشفة للميليشيات” أن زيارة الكعبي تشير إلى تكثيف جديد لهذا الاتجاه، حيث تشعر موسكو الآن بالحرية في التقرّب من قادة معينين من “المقاومة” الذين ليس لهم دور حكومي، وهم خارج التسلسل القيادي الرسمي لـ”قوات الحشد الشعبي”، والذين صنفتهم الولايات المتحدة أساساً كإرهابيين ومنتهكي حقوق الإنسان. وخلافاً لرئاسة الوزراء تحت قيادة الكاظمي، لن تواجه موسكو الآن أي تداعيات دبلوماسية من العراق لانخراطها المباشر والعلني مع الميليشيات العراقية في ظل ما تسميها “عصائب أهل الحق” “حكومة المقاومة” تحت قيادة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.