حرية – 4/2/2023 – بغداد – أحمد الحمداني
تواجه صفقة توتال إنرجي في العراق -البالغة استثماراتها 27 مليار دولار- شبح الانهيار، في ظل خلافات مالية متصاعدة بين الجانبين.
بدأت عملاقة النفط الفرنسية سحب موظفيها الأجانب من العراق، وسط العديد من التحديات مع حكومة بغداد تتعلق بمجموعة من مشروعات الطاقة الكبرى، وفق ما رصدته منصة الطاقة.
وغادر الموظفون الأجانب البلاد، بينما طلبت توتال إنرجي من موظفيها المحليين العمل من المنزل، نقلًا عن وكالة رويترز.
توتال إنرجي في العراق
كتب عضو البرلمان العراقي مصطفى جبار سند، في تغريدة عبر حسابه بتويتر، 30 يناير/كانون الثاني 2023، إنه من غير الواضح ما إذا كان الانسحاب مجرد تكتيك تفاوضي.
وقال مسؤول في شركة نفط البصرة الحكومية -التي كانت تعمل مع شركة توتال للتحضير لتفعيل الصفقة- “جاء موظفو توتال إلى شركة نفط البصرة اليوم لتوديعنا”، حسبما ذكر موقع عراق أويل ريبورت Iraq Oil Report.
من جانبها، لم تردّ وزارة النفط العراقية على طلب أرسلته منصة الطاقة، للتعليق.
وأوضح مسؤولون مطّلعون على عمليات توتال إنرجي في العراق أن موظفي الشركة الذين كانوا يعملون لبدء تنفيذ المشروعات في البلاد بدؤوا المغادرة منذ الثلاثاء 31 يناير/كانون الثاني.
في حالة انهيار صفقة الـ27 مليار دولار، سيخسر العراق فرصة لإقامة بنية تحتية بمليارات الدولارات مع إمكان تضخيم الإيرادات عبر قطاع الطاقة بحقن المياه اللازمة لتعزيز الإنتاج بأكبر حقول النفط في البصرة، وإنشاء معمل معالجة لالتقاط الغاز المصاحب الذي يجري حرقه بطريقة غير مشروعة، وتوليد الطاقة الشمسية.
أزمة توتال إنرجي في العراق
تأزمت مفاوضات صفقة الـ27 مليار دولار بين توتال إنرجي والحكومة العراقية، بعد أن طالبت بغداد بحصة 40% في المشروع، وهو الأمر الذي ترفضه الشركة الفرنسية التي ترغب في حصة أغلبية.
تصاعدت الأزمة خلال اجتماع الأسبوع الماضي بين رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الذي تولّى منصبه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والرئيس التنفيذي لشركة توتال إنرجي باتريك بويانيه.
استمر الاجتماع الذي حضره وزير النفط العراقي حيان عبدالغني لمدة 10 دقائق فقط، قبل أن ينسحب رئيس الشركة الفرنسية بسبب الخلافات حول حصة بغداد في المشروع، ولم يُصدر مكتب توتال إنرجي أو مكتب شياع السوداني بيانًا بعد الاجتماع.
ترفض بغداد إلغاء قرار الحكومة السابقة بالمطالبة بنسبة 40%، إذ إن ذلك سيُعدّ بمثابة تنازل عن حقوق العراق، في وقت تصرّ توتال فيه على أن الحصة يجب ألّا تزيد عن 30%.
إنتاج النفط العراقي
سعت شركات نفطي عملاقة، مثل إكسون موبيل، وشل، وبي بي، إلى تقليص عملياتها في العراق خلال السنوات الأخيرة، مما أسهم في ركود إنتاج النفط العراقي.
وأحيت توتال إنرجي الآمال في القطاع عام 2021، عندما وقّعت صفقة مع بغداد لتنفيذ 4 مشروعات للنفط والغاز والطاقة المتجددة باستثمارات أولية قدرها 10 مليارات دولار في جنوب العراق على مدار 25 عامًا.
وزادت الطاقة الإنتاجية للنفط في العراق إلى نحو 5 ملايين برميل يوميًا من 3 ملايين برميل يوميًا في السنوات الأخيرة، لكن في وقت من الأوقات كانت هناك آمال في منافسة أكبر منتج، وهو السعودية، بإنتاج يبلغ 12 مليون برميل يوميًا أو أكثر من 10% من الطلب العالمي.
وتعثَّر الاتفاق مع شركة توتال إنرجي وسط خلافات بين ساسة عراقيين بشأن شروطه، والتي لم تُعلَن.
لا يزال العراق متفائلًا بأن الصفقة تحتاج إلى وقت فقط، إذ قال رئيس شركة نفط البصرة العراقية، إنه يتوقع أن تستحوذ قطر على حصة تتراوح بين 20 و25% في المشروع، وإن الصفقة ستُفَعَّل في غضون 3 أشهر.
وتُجري قطر للطاقة محادثات للاستحواذ على حصة من مجموعة مشروعات توتال إنرجي في العراق.
وقال المتحدث باسم وزارة النفط العراقية عاصم جهاد، إن الحكومة ووزارة النفط حريصتان على المضي قدمًا في مجموعة مشروعات توتال إنرجي بقيمة 27 مليار دولار، وإن المفاوضات لا تزال جارية.
وأضاف: “نحتاج بعض الوقت لاستئناف الحوار للتوصل إلى حل يناسب جميع الأطراف”، حسبما ذكرت وكالة رويترز.
مشروعات صفقة توتال
في سبتمبر/أيلول 2021، وقّعت شركة توتال إنرجي مع وزارة النفط العراقية اتفاقية لتنفيذ 4 مشروعات عملاقة، باستثمارات تصل إلى 27 مليار دولار.
شهدت صفقة مشروعات توتال خلال الأشهر الماضية جدلًا سياسيًا واقتصاديًا كبيرًا، إذ لم يُقدِم الطرفان بعد على وضع خطوات عملية لتنفيذ المشروعات، وسط مخاوف من معوقات مالية قد تهدد تنفيذها، والتي يعوّل عليها العراق لجنيه أرباحًا قد تصل إلى 50 مليار دولار.
وحسب الوزارة العراقية، فإن العائد الإجمالي من الأرباح خلال مدة العقد -25 عامًا- يصل إلى 95 مليار دولار، باحتساب سعر برميل النفط عند 50 دولارًا.
وكان من المقرر أن تستثمر شركة توتال مبدئيًا 10 مليارات دولار في العراق، من خلال بدء تنفيذ الأعمال الهندسية لبعض المشروعات قبل نهاية 2021، إلّا أنه لم يُبدأ في أيّ أعمال منذ توقيع الاتفاق.
وتتضمن صفقة الـ27 مليار دولار المشروعات التالية:
مدّ خط الأنبوب البحري الذي ينقل ماء البحر إلى الحقول النفطية، بطاقة تصميمية قدرها 7.5 مليون برميل مياه يوميًا، بهدف إدامة الإنتاج من الحقول النفطية.
تطوير حقل أرطاوي وزيادة الإنتاج من 80 ألف برميل يوميًا -حاليًا- إلى 200 ألف برميل يوميًا.
إنشاء مجمّع غاز أرطاوي بسعة 600 مليون قدم مكعبة قياسية، بغرض استثمار حرق الغاز من حقول النفط.
إنشاء محطة توليد الطاقة الكهربائية، تعتمد على الطاقة الشمسية، لإنتاج كهرباء بتكلفة أقلّ من 45% من الإنتاج من المحطات الحالية، وبقدرة إجمالية تصل إلى 1000 ميغاواط.