حرية – (4/2/2023)
استعاد تقرير أمريكي، اليوم السبت، ذكرى خطاب وزير الخارجية الأمريكي كولن باول أمام مجلس الأمن لتبرير الحرب على العراق وامتلاكه اسلحة دمار، وفيما بينت أن الرئيس الأمريكي جورج بوش أبلغه بأن “الناس ستصدقه”.
واستعادت الاذاعة العامة الوطنية الأمريكية في تقرير بمناسبة الذكرى الـ20 للخطاب الذي ألقاه وزير الخارجية الأمريكي وقتها كولن باول أمام مجلس الامن الدولي، عندما رفع الانبوب البيولوجي الشهير، للتأكيد على ان “امتلاك العراق اسلحة دمار شامل، والحصول على ما يشبه التفويض الدولي ببدء غزو العراق”.
وقالت الإذاعة الأمريكية إن “خطاباً واحداً ألقي أمام الأمم المتحدة قبل 20 سنة، هو الذي حدد الصراع المقبل”، مشيرة إلى “حضور بأول جلسة مجلس الامن في 5 فبراير/شباط العام 2003، بعدما كان الوزير الامريكي من اشد المعترضين على احتمال التدخل العسكري في العراق، الا انه في تلك الجلسة قدم مرافعة تتضمن الحجج لشن الحرب”.
وأضاف التقرير؛ انه بينما كان العالم يشاهد باول وهو متوجه للحاضرين في نيويورك قائلا “زملائي، أن كل تصريح أدلى به اليوم مدعوم بمصادر، وهي مصادر قوية.. هذه ليست تاكيدات. ما نقدمه لكم هو حقائق واستنتاجات تستند الى معلومات استخبارية قوية”.
وأشار التقرير الى ان “باول استخدم معلومات كان مسؤولو الاستخبارات اكدوا له انها تتمتع بالمصداقية، ومن بينها صور استطلاعية وخرائط ورسوم بيانية تفصيلية، بالاضافة الى تسجيلات لمحادثات هاتفية بين كبار قيادات الجيش العراقي”.
وذكر التقرير بتصريح باول عندما قال ان “صدام حسين لديه اسلحة كيمياوية.. لقد استخدم صدام حسين مثل هذه الاسلحة، وصدام حسين ليس لديه أي ندم في استخدامها مرة اخرى، ضد جيرانه، وضد شعبه”.
وبيّن التقرير أن “باول كرر استخدام عبارة واحدة خلال خطابه الذي استمر ساعة 17 مرة وهي عبارة أسلحة الدمار الشامل، وهي العبارة التي ظلت ادارة بوش تستخدمها بشكل علني للمساهمة في تبرير الغزو الذي جرى فعلا بعد شهر ونصف من خطاب باول أمام مجلس الأمن، عندما أمر الرئيس جورج بوش بغارات جوية على بغداد، معلنا في خطاب موجه للامة انها بداية العملية العسكرية الهادفة إلى نزع سلاح العراق وتحرير شعبه والدفاع عن العالم من خطر جسيم”.
كما لفت التقرير إلى أن “القوات الامريكية اطاحت بنظام صدام حسين خلال أسابيع، فيما تكثفت عمليات البحث عن ادلة على اسلحة الدمار الشامل، ولم يتم العثور عليها في اي موقع، فيما بدأ الاميركيون يطرحون التساؤلات”.
ونقل التقرير عن طبيب الاسنان الين هونلي، من ولاية تينيسي، قوله في تموز/يوليو العام 2003، إنها “مسألة محرجة لأنهم لم يعثروا على أي شيء”، مضيفا انه “الامر يبدو كأنهم باعة ويريدون أن يبيعوا سلعة ما”.
كما نقل التقرير عن محلل شؤون الأمن القومي جوزف سيرينسيون تعليقاته حول خطاب باول وخصوصاً تأكيداته بوجود أدلة قوية حول برامج الاسلحة العراقية غير المشروعة، قائلا “نحن نعلم الآن ان هذا لم يكن صحيحا”.
اما النائبة عن كاليفورنيا جين هارمان التي شغلت منصب العضو الديمقراطي في لجنة المخابرات في مجلس النواب، وصوت وقتها لصالح تشريع برلماني في العام 2002 يجيز استخدام القوة العسكرية ضد العراق، فقد قالت ان “التقارير التي تتحدث عن قائمة طويلة ومرعبة لاسلحة الدمار الشامل أثرت على اتخاذ ذلك القرار”، وقالت هارمان في العام 2004 انها “صدقت ما قيل لي، وأنا مندهشة مثلك لانه تبين انه لا يوجد مخزون من هذه الأسلحة”.
وأشار التقرير الامريكي إلى أن “الصحفيين واعضاء في الكونجرس بدأوا التدقيق في اساس المنطق الذي بنيت عليه الحرب وفق ما ورد في خطاب باول أمام مجلس الامن، واكتشفوا وجود تقارير خاطئة وتحمل مبالغات كبيرة من جانب مجتمع استخبارات متأثرة بضغوط سياسية من جانب كبار مسؤولي البيت الأبيض”، مضيفا أن “هناك شبهات بان بوش استغل سمعة كولن باول بارساله الى مقر الامم المتحدة”.
ونقل التقرير عن الصحفية كارين ديونغ التي كتبت السيرة الذاتية لباول في العام 2006، أن بوش قال له في ذلك الوقت “ربما سيصدقونك، ربما سيصدقك الجمهور”، مضيفة أنه “كان من الواضح دائما في ادارة بوش ان باول كان أكثر شعبية من اي شخص اخر في الادارة”.
إلا أن التقرير قال ان “حرب العراق ما يزال ينظر اليها حتى يومنا هذا على أنها كارثة على صعيد السياسة الخارجية وعلى الصعيد الإنساني، حيث استمرت الحرب نحو 9 سنوات وأودت بحياة نحو 4500 أمريكي، بينما قتل أكثر من 185 الف مدني عراقي، استنادا الى تقديرات معهد واتسون للشؤون الدولية والعامة في جامعة براون كما ان حوالي مليوني عراقي نزحوا من ديارهم بحلول الوقت الذي انسحبت فيه القوات الأمريكية في العام 2011”.
وقال التقرير انه “بعد مرور ثلاث سنوات، أمر الرئيس باراك أوباما القوات الأمريكية بالعودة الى العراق للمساعدة في محاربة تنظيم داعش في العراق وسوريا، وسعى الى طمأنة الأمريكيين بانه لن ينخرط في حرب برية أخرى”.
واضاف التقرير ان “القوات الامريكية انسحبت رسميا في ديسمبر/ كانون الأول العام 2021 بعد ما يقرب من سبع سنوات من الانخراط في القتال”.
كما ذكر التقرير بأن باول وصف لاحقا خطابه في مجلس الامن الدولي، بانه “فشل استخباراتي كبير” و “وصمة عار” في سجله. وكان باول قال لشبكة “ان بي سي” الامريكية في العام 2004 انه تعامل بثقة مع المعلومات التي حصل عليها، لكن اتضح لاحقا أن مصادر هذه المعلومات كانت خاطئة وغير دقيقة وفي بعض الأحيان كانت “مضللة بشكل متعمد”. وقال باول “لهذا، اشعر بخيبة امل. وأنا آسف لذلك”.