حرية – ( 31/1/2021)
’مسؤول العمليات القذرة’، هكذا وصفت تقرير أميركي جبار العيساوي ’والي العراق’ الذي نجحت القوات العراقية في قتله قبل أيام في عملية أمنية اشترك فيها التحالف الدولي.
وكشف التقرير الذي نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” و تابعته – حرية – (31 كانون الثاني 2021)، معلومات جديدة حول العملية النوعية التي جاءت رداً على الهجوم الانتحاري المزدوج في العاصمة بغداد مخلفاً عشرات الضحايا.
كما أشار التقرير، إلى تأثير العملية من جانب آخر على قضية وجود القوات الأميركية في العراق، في ظل تخفيض عديدها ومطالب إخراجها من البلاد.
تالياً نص التقرير:
قتل أكبر زعيم لتنظيم “داعش” في العراق في مهمة مشتركة بين القوات العراقية والقوة الجوية الأمريكية، في هجوم يهدف إلى وقف عودة التنظيم إلى الظهور والقصاص من منفذي التفجير الانتحاري المزدوج المروع الذي وقع في بغداد الأسبوع الماضي.
قتل قائد التنظيم جبار سلمان علي فرحان العيساوي (43 عاماً) المعروف باسم أبو ياسر الأربعاء قرب مدينة كركوك شمال العراق، كما أعلن التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة ومسؤولون عراقيون.
لم يعد التنظيم يسيطر على الأراضي في العراق، بل واصل تنفيذ هجمات مميتة. وكانت مسألة نوع القوة المطلوبة لإبقاء التنظيم تحت السيطرة في صلب المفاوضات الأميركية والعراقية حول خفض عدد القوات الأميركية في العراق، ويوضح الدور الأميركي في الغارة هذا الأسبوع استمرار اعتماد العراق على الجيش الأميركي.
ووصف المتحدث باسم التحالف، العقيد واين ماروتو، وفاة العيساوي بأنها “ضربة كبيرة” لجهود “داعش” في إعادة تنظيم صفوفه.
وقال خبراء مكافحة الإرهاب إن العيساوي نسق عمليات الجماعة في العراق. وقال العقيد ماروتو إنه مسؤول عن تطوير ونقل التوجيهات إلى مقاتلي داعش وعن المساعدة في توسيع وجود داعش في العراق.
كما قال إن تسعة آخرين من مقاتلي داعش قتلوا في العملية.
وقال الكولونيل ماروتو إن قوات مكافحة الارهاب العراقية قادت العملية بدعم من التحالف الجوي والمخابرات.
وللتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة سياسة عدم التعليق حول هوية الدول التي تشن غارات جوية محددة. بيد أن كبار مسئولى الاأن العراقيين الذين طلبوا عدم ذكر هويتهم لأنهم غير مخولين بنشر المعلومات قالوا إن الطائرات الأميركية نفذت الضربات.
وقال مسؤولون عراقيون إن الهجوم على مخبأ تحت الأرض ثأر لمقتل 32 عراقيا قتلوا في هجوم داعش على سوق في بغداد الأسبوع الماضي. وأصيب أكثر من مئة آخرين بجروح في هذا الهجوم الذي يعد الأكثر دموية في بغداد منذ أربع سنوات.
وأعلن داعش مسؤوليته عن التفجير، قائلا إنه يستهدف المسلمين الشيعة وقوات الأمن العراقية.
وكتب رئيس الوزراء مصطفى الكاظي في تغريدة على تويتر عن العملية التي أودت بحياة العيساوي “لقد وعدنا وأوفينا”. وقال، مستخدماً اختصاراً عربياً لداعش: “لقد أعطيت كلمتي لملاحقة إرهابيي داعش، وأعطيناهم رداً مدوياً”.
كما حل الكاظمي، وهو رئيس سابق للمخابرات، محل العديد من رؤساء العمليات الاستخباراتية والأمنية بعد هجوم داعش، قائلا إن الإخفاقات الأمنية والاستخباراتية المتراخية هي سبب ماحدث.
وقد تولى الكاظني منصبه العام الماضي متعهداً بتعزيز الأمن ومكافحة الفساد ودفع الإصلاحات الحكومية.
وقال مسؤولون عراقيون وأميريكيون إن العملية التي قتلت العيساوي كانت قيد الإعداد بعد أشهر من وقوعها بعدما تم القضاء على قادة داعش من المستوى الأدنى في مخابئ الجبال بالقرب من كركوك وجمع معلومات استخباراتية حول ما يبدو أنه مركز جديد لعمليات داعش هناك.
بالإضافة إلى الغارات الجوية، شملت العملية غارات على بيوت ضيافة داعش من قبل قوات مكافحة الإرهاب العراقية، وفقا لبيان عسكري عراقي.
وقد عبر العيساوي، وهو من مدينة الفلوجة العراقية، إلى العراق قبل ستة أشهر عبر الحدود التي يسهل اختراقها مع القطاع الذي يسيطر عليه الأكراد في شرق سوريا.
وصف مسؤولون عراقيون العيساوي بأنه “نائب الخليفة”، أو الرجل الثاني في القيادة. ولم يتسن تأكيد هذه الرتبة من مصدر مستقل.
لا يُعرف الكثير عن زعيم التنظيم، الذي عرّفه التنظيم باسم أبو إبراهيم الهاشمي القريشي، أو هيكل قيادتها العليا. خلف القريشي أبو بكر البغدادي، الذي قتل عندما فجر سترة انتحارية عندما داهمت القوات الأميركية مخبأه في سوريا في عام 2019.
وفي حين أن قادة العمليات مثل العيساوي لا يحصلون على اهتمام كبير مثل كبار القادة الإرهابيين مثل البغدادي أو القريشب، قال مسؤولو مكافحة الإرهاب إنهم يلعبون أدواراً محورية.
وقال كولن كلارك، محلل مكافحة الإرهاب في مجموعة صوفان، وهي شركة استشارات أمنية مقرها نيويورك، “يحصل مسلحون مثل البغدادي على نصيب الأسد من الاهتمام، لكن عملاء مثل العيساوي يقومون بالعمل القذر لجماعات مثل داعش، ويعملون بين المستويات العليا والدنيا في التنظيم.
وعلى الرغم من أن آخر هجوم كبير لداعش في بغداد كان قبل عامين، فإن التنظيم ينفذ عمليات منتظمة في محافظات أبعد شمالاً.
وقال مايكل نايتس، زميل جيل وجاي برنشتاين للشؤون الأمنية والعسكرية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، “أظهرت المعلومات أن هذا الرجل كان نشطا كمنسق لعمليات الدولة الإسلامية. “العراق لا يزال على الأرجح أكبر بيئة عمل لداعش، لذا فهذا يعني فعلياً أنه مدير مجموعة فرعية”.
في أوج نشاطه، سيطر تنظيم «الدولة الإسلامية» على ما يقرب من ثلث الأراضي العراقية ومحافظات بأكملها في سوريا بعد إعلان الخلافة في عام 2014 وعاصمتها الموصل. وقد طردت القوات المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد الجماعة من آخر قطعة من الأراضي التي كانت تسيطر عليها – بالقرب من مدينة باغوز في سوريا – قبل عامين.
وقال نايتس إن مقتل العيساوي “يثبت للشعب العراقي أن الحكومة قادرة على العمل الفعال”.
جاءت المساعدة الأميركية الحاسمة فى الغارة وسط تزايد الضغط السياسى من جانب الجماعات الموالية لإيران فى العراق لطرد القوات الأميركية من البلاد.
وبعد التخفيضات الأخيرة من قبل إدارة ترامب، بقي للولايات المتحدة حوالي 2500 جندي في ثلاث قواعد عسكرية عراقية. وفي حين تحسنت القدرة العراقية على محاربة تنظيم «الدولة الإسلامية»، لا تزال البلاد تعتمد على المعلومات الاستخباراتية وأصول المراقبة والدعم الجوي من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.
وقال سجاد جياد، وهو زميل في مؤسسة “سنشري” ومقرها العراق: “من وجهة نظر عملياتية، من المهم أن يتعطل داعش قدر الإمكان، لكن من الواضح أنه يحتاج إلى الكثير من المتابعة. لقد أظهر تنظيم داعش أنه مرن جدا وقادر على أن يظهر في خلايا صغيرة، لا سيما في المناطق الريفية وفي المناطق الوعرة، ويستهدف أيضا الأراضي التي يصعب على القوات العراقية أن تقوم بعمليات فيها باستمرار”.
وقال جياد إنه يعتقد أن القوات الأميركية ستكتسب وضعاً أفضل من خلال مساعدتها في العمليات المناهضة لداعش. بيد انه قال ان الهجوم الأميركي بطائرة بدون طيار الذى اسفر عن مصرع مسؤول أمني عراقى كبير مع القائد الإيراني الجنرال قاسم سليمانى فى بغداد العام الماضي كان له وزن أكبر فى تعزيز المعارضة للقوات الأميركية فى العراق.
وبعد الهجوم، أصدر البرلمان العراقي قراراً يطالب الحكومة بطرد القوات الأميركية من العراق، وهي خطوة لم تنفذ بعد.
وقال جياد إن “وجود القوات الأميركية هو جزء من قضية أكبر لا علاقة لها بداعش. “هذا النوع من الأشياء التي لا يمكنك أن تمحوها فقط بـ “كانت الولايات المتحدة مفيدة ضد داعش”.