حرية – (8/2/2023)
كشف تقرير نشره موقع “ساسة بوست”، ما وصفه بـ’لوبيات إقليم كردستان في الولايات المتحدة الأميركية”، خلال 12 عاماً.
ويقول التقرير (8 شباط 2023)، “تُظهِر وثائق وزارة العدل الأمريكية استمرار التعاقد الحاصل بين وزارة الداخلية في حكومة إقليم كردستان، مع شركة باس جلوبال إستراتيجيك للاستشارات – PASS Global Strategic Consultancy”.
تالياً نص التقرير:
كان هذا التعاقد، الذي غطَّى تفاصيله «ساسة بوست» العام الماضي، بَدأَ في 8 أغسطس (آب) 2017، وما يزال مستمرًّا حتى الآن، بمدفوعاتٍ بلغت مليونًا و780 ألف دولار أمريكي حتى لحظة كتابة هذا التقرير، ونصَّت آخر وثائق الشركة على أنَّ وزارة الداخلية الكردية تتفاوض الآن على تعاقدٍ جديدٍ.
يشرف على العقد ووقَّع عليه من الطرف الكردي وزير الداخلية نفسه، كريم سنجاري. وتُظهر الوثائق تجديد الطرفين للتعاقد مرة في عام 2018، ومرة في 2020، وما تزال الشركة تقدم خدماتها لوزارة الداخلية الكردية حتى الآن، ولكنها لم تُفصح عن أيَّة تفاصيل جديدة عن الأنشطة المقدمة منذ 2019.
صورة تُظهر توقيع كريم سنجاري، وزير الداخلية في حكومة إقليم كردستان العراق، الصورة من تعاقد الوزارة مع شركة باسس جلوبال إستراتيجيك للاستشارات. المصدر: موقع وزارة العدل الأمريكية
ومنذ مطلع مارس (آذار) 2018 وحتى أكتوبر (تشرين الأول) 2019، تواصلت الشركة عدَّة مرات مع الكونجرس، ورتبت اجتماعات لمسؤولين أكراد مع أعضائه.
ويُسجَّل العقد تحت أهداف تطوير إستراتيجية للتعامل مع «الأعداد الكبيرة للاجئين والنازحين داخليًّا»، والضغط على الجهات المانحة، من دول أو وكالات إغاثة دولية، ووكالات الأمم المتحدة، لـ«زيادة المشاركة الإنسانية في شمال العراق».
نذكر هنا عقدًا آخر، وظَّفت فيه حكومة إقليم كردستان شركة «آرينت فوكس –Arent Fox» للمحاماة والضغط السياسي، ويُعرف عن هذه الشركة تمثيلها لشركات عالمية وسياسيين ومنظمات كبرى حول العالم.
بدأت العلاقة في 20 أبريل (نيسان) 2021، وما يزال التعاقد مستمرًّا حتى الآن، بمجموع مدفوعات 180 ألف دولار حتَّى نهاية أبريل 2022.
وقَّعت على العقد بيان عبد الرحمن، بوصفها ممثلة الإقليم في الولايات المتحدة منذ 2015، وقبل ذلك كانت ممثلة الإقليم في بريطانيا، وهي عضو في مجلس قيادة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني.
وتُرافق بيان مسؤولين أكرادًا رفيعي المستوى في زياراتهم لواشنطن، وتحضر اجتماعاتهم مع أعضاء الكونجرس ومع المسؤولين الأمريكيين، وتُمثل مصالح الإقليم تمثيلًا دائمًا في العاصمة الأمريكية واشنطن. كيف تحركت الشركة؟
ينصُّ العقد بهدفه المُعلن في الوثائق، على تقديم الشركة استشارتها لحكومة كردستان بشأن مسائل قانونية وبخصوص سياسات حكومة الولايات المتحدة الأمريكية في العراق والشرق الأوسط، مع ضغط الشركة على أعضاء من الكونجرس ومسؤولين في الحكومة الأمريكية.
رصدنا في النشاطات، تصريح الشركة بأنها قدمت للإقليم المشورة المذكورة بشأن سياسات الحكومة والجهود المستمرة لهزيمة داعش، وكذلك فيما يخصُّ الكونجرس، بما في ذلك تشريع «قانون إقرار الدفاع الوطني – NDAA»، تشتد وتيرة ضغط اللوبي الكردي سنويًّا مع اقتراب موعد إقرار هذا التشريع، الذي يعد من أضخم التشريعات التي يشرف عليها الكونجرس كل عام، لإقرار ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية وبعض الوكالات الحكومية الأخرى، وفي هذا التشريع يخصص جزء من المساعدات العسكرية الأمريكية السنوية لجهات خارجية، مثل قوات البيشمركة الكردية. ومن هنا تأتي أهمية القانون بالنسبة لحكومة إقليم كردستان العراق. عينُ الإقليم على مشروعِ قرارٍ جديدٍ
تركز نشاط الشركة في الأشهر الستة الأولى على دعم مشروع قرار «H.Con.Res.32»، الذي «يحتفي» بالذكرى الثلاثين لعملية «توفير الراحة» العسكرية، التي نفذتها الولايات المتحدة مع حلفاء أوروبيين في أبريل 1991، ضمن عمليات أمريكا ضدَّ العراق في حرب الخليج الثانية، وكان هدف العملية «حماية المناطق الكردية في العراق». القرار «يعيد توكيد العلاقة القوية بين أمريكا والأكراد».
واستذكرت بعض وسائل الإعلام الأمريكية عملية «توفير الراحة» بوصفها واحدةً من أعظم العمليات العسكرية الأمريكية في القرن العشرين، فُرضِت خلالها منطقة حظر طيران فوق شمال العراق، لحماية الأكراد من أيِّ ضربات جويَّة من نظام صدام حسين، ولكن هذا التدخل لم يكن كاملًا، إذ تُرك الأمر للأكراد لحماية أنفسهم من قوات النظام ميدانيًّا، ثم أصبحت العملية نموذجًا مناسبًا لعمليات عسكرية تعتمدُ فيها واشنطن على حلفاء ينشطون على الأرض في الأزمات.
راعي هذا القرار هو النائب الجمهوري مايكل والتز، عضو لجنة القوات المسلحة. وهوَ ضابط سابق في القوات الخاصة الأمريكية، ومن أشرس المنتقدين لانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، وكشف تحقيق لموقع «الإنترسبت» الأمريكي، عن استفادة والتز ماليًّا من الحرب، نظرًا إلى امتلاكه أسهمًا في شركة دفاعيَّة حصلت على عدَّة تعاقدات من الحكومة الأمريكية، منها تدريبها لقوات الأمن الأفغانية، ويشيرُ التحقيق إلى بيع والتز لحصته في الشركة فورًا قبيل إعلان إدارة ترامب قرار الانسحاب الأمريكي من أفغانستان.
وفي الشأن العراقي أعرب والتز عن قلقه في مرات عديدة من انسحاب القوات الأمريكية من العراق، داعيًا إلى بقاء عددٍ محدودٍ من القوات الأمريكية لمساعدة حلفاء أمريكا، من قوات «مكافحة الإرهاب» والبيشمركة في العراق، لمحاربة «تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)»، ودعا والتز إدارةَ بايدن لاستهداف إيران عسكريًّا وبصورةٍ مباشرة، وفق تصريحاتٍ له لشبكة «روداو» الكرديَّة.
وتظهرُ الوثائق توزيع الشركة رسالة بريد إلكتروني، باسم حكومة الإقليم، تشجِّع فيها مشروع القرار، وتُثني على عملية «توفير الراحة» ونتائجها، مُعتبرة أنها أنقذت مئات الآلاف من الأكراد من نظام صدام حسين.
وتعبِّر الرسالة عن «امتنان» الأكراد للقيادة الأمريكية، وكيف أنَّ كردستان كانت آمنة للجنود الأمريكيين منذ 1991، فضلًا عن أنها أصبحت ملاذًا للإيزيديين والمسيحيين وغيرهم من الأقليات الدينية في المنطقة.
ولذلك، تختتم الرسالة بحثِّ أعضاء الكونجرس على تمرير القرار، بناءً على الجهود الأمريكية السابقة مع أكراد العراق.
وتبيِّن الوثائق إجراء الشركة اتصالات كثيفة لصالح حكومة الإقليم، منها 13 اتصالًا هاتفيًّا مع موظفي مكاتب أعضاء بمجلس النواب، لحثِّهم على دعم مشروع القرار، من الأعضاء المذكورين: النائب الجمهوري مايكل كول، الذي يُعرف بمواقفه المؤيدة للمقاتلين الأكراد، والنائب الجمهوري جاي ريشين ثالر، الذي كان ممن سعوا في 2019 لطرح مشروع قانون يفرض عقوبات على تركيا ردًّا على حملتها العسكرية ضد الفصائل الكردية المسلحة في شمال سوريا.
وللضغط دعمًا لمشروع القرار المذكور، أرسلت الشركة إيميلات لخمسة من موظفي أعضاء مجلس الشيوخ، منهم موظفو السيناتورة الديمقراطية إليزابيث وارن، التي تعرف بموقفها الداعم لمبدأ انسحاب القوات الأمريكية من سورية على أن تكون الخطة مدروسة، مع الحفاظ على أمن القوات الكردية هناك، والسيناتور أنجوس كينج، الداعم لهذه القوات.
يُذكر أن هنالك منصات إعلامية كردية متعددة ومسؤولين أكراد، نشروا عريضة جاهزة مع أعضاء الكونجرس الأمريكي، وحثَّهم على دعم مشروع ذلك القرار بصياغاتٍ مقاربة لرسالة البريد الإلكتروني الموحدة السابق ذكرها، وتدعو هذه الجهات أفراد الجالية الكردية الأمريكية وأصدقاء الجالية، أو المهتمين بالقضية، لاستخدام العريضة في دفع الكونجرس لإقرار المشروع.