حرية – (18/2/2023)
تخطى إقليم كردستان حدود التعامل ضمن الدولة الفيدرالية وبات يتعامل مع بغداد الند للند فيما يشي تدهور الأوضاع على مختلف المستويات في الإقليم وتضاؤل فرص حل النزاع الدائم بين الحزبين الى قبول شعبي بحل الكيان الدستوري للإقليم والعودة الى السلطة المركزية المباشرة.
وكسر العديد من مواطني إقليم كردستان “تابو” المكاسب السياسيَّة التاريخية التي تحققت بعد 1991، إذ ينفرد الإقليم بكيان دستوري واسع الصلاحيات في ظل دولة فيدرالية، وفي كثير من الأحيان تتعامل أربيل مع بغداد معاملة الند للند.
وفي ظلِّ تدهور الأوضاع على مختلف المستويات في الإقليم، وتضاؤل فرص حل النزاع الدائم بين الحزبين الرئيسين، كشف استطلاع للرأي أعده المركز الأكاديمي (الاستفتاء والتحليل) عن وجود قبول شعبي بحل الكيان الدستوري للإقليم والعودة إلى السلطة المركزية المباشرة.
هذا التقبل لهذه الفكرة، التي كان يُحرّم مجرد التفكير بها، يسلط الضوء أكثر وأكثر على الأزمة المزمنة التي يمر بها الإقليم، في ظل مخاطر أمنية واقتصادية وسياسية داخلية وخارجية.
واقع إقليم كردستان مرير
وأكد الكاتب المختص بالشؤون الإسلامية والكردستانية، مير عقراوي أنَّ ما وصفه بـ”واقع الإقليم المرير” هو ما دفع مواطني الإقليم إلى هذه الرغبة الجديدة.
منتقداً في الوقت نفسه الوضع السياسي في بغداد، لافتاً إلى أنَّ “الشعب الكردي واقع بين قطبي الرحى”.
وقال عقراوي: “لا شك أنَّ عوامل مهمة من واقع الإقليم المرير جعلت نسبة غير قليلة من الكرد تحنّ أو ترغب في العودة إلى الدولة المركزية”.
وأضاف، ولا سيما “بعد الإحباط الشديد وخيبة الأمل الكبيرة التي لحقت بها جرَّاء سياسة السلطة العائلية (….) التي تتحكم برقابهم، وتفشي الاستبداد والفساد السياسي والإداري والحكومي والاقتصادي”.
تأثيرات خارجية على إقليم كردستان العراق
وتابع أنَّ “المركز العراقي يفتقد إلى الإرادة السياسية المستقلة القوية لحكم العراق وفق قيم العدالة الاجتماعية، وذلك بسبب تأثير القوى الإقليمية وخارجها في المركز العراقي في بغداد”.
وبيّن “وعليه، فالشعب الكردي في الإقليم واقع بين قطبي الرحى في أوضاعه، فلا السلطة التي تحكمه باسمه عادلة، ولا المركز في بغداد تحكمه حكومة مقتدرة على بسط حكمها على الكل بعدل وقسط وإنصاف”.
ويمرّ الإقليم بأزمة اقتصادية دائمة وخلاف لا ينتهي بشأن حصته في الموازنة العامة التي تنتهي باتفاق مؤقت.
وعزا الشاعر والكاتب كنعان حاتم مراد هذا التوجه الشعبي للوضع في إقليم كردستان الذي لا يختلف عن الوضع في بقية العراق، معدداً المشكلات الدائمية التي يمر بها الإقليم.
استئثار الحزبين في كردستان العراق بالمكاسب
وقال مراد: “يبدو أنَّ الوضع الجماهيري بالنسبة لإقليم كردستان لا يختلف كثيراً عن الوضع في بقيّة مناطق العراق، إذ إنَّ نتائج الانتخابات تأتي لصالح الحزبين الرئيسين في الإقليم، برغم الاستياء الواضح من قبل الشعب الكردي والاستيلاء الواضح من قبل الأحزاب“.
وأضاف أنه “في الوقت الّذي أعلن الكثير من المواطنين رغبتهم بالعودة إلى المركزيّة، بسبب قلّة فرص العمل وانعدام التعيينات حتّى للخرّيجين الأوائل من حملة الشهادات العليا، والأزمات الفصليّة المتكرّرة كأزمة المحروقات والفيضانات وغيرها، نجد أنَّ قضيّة الاستفتاء داعبت مشاعر الكثير من أبناء الشعب الكردي في تحقيق حلم قديم في أن تكون لهم دولة، لذلك ارتفع رصيد الحزب الديمقراطي الكردستاني في الانتخابات الأخيرة، مقابل تراجع الاتحاد الوطني الكردستاني”.
وبينما يعقد الكرد تحالفاً قوياً مع الدول الغربية، يواجه عداءً شديداً من دول المنطقة التي يكثر فيها الكرد، مثل سوريا وتركيا وإيران.
من جهته، استبعد الكاتب والصحفي سامان داود حلّ إقليم كردستان.
مؤكداً أنَّ الحزبين الرئيسين يحظيان بشعبية كبيرة في الإقليم.
حل الإقليم مستبعد
وقال داود: إنَّ “موضوع حل إقليم كردستان العراق ليس بالأمر السهل، والكرد برغم ذلك لن يفرطوا في ما حصلوا عليه بسهولة وهذا استحقاقهم القومي، ولكن يجب أن يكون ذلك ضمن إطار وطني بحت”.
وأضاف أنَّ “مسألة حل الإقليم تأتي من قبل أطراف معارضة في كردستان وبالتحديد في مدينة السليمانية، وهم ليسوا بالند للحزبين الحاكمين في كردستان العراق”.
وتابع أنَّ “أغلبية المواطنين ينتمون إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، وهذا الموضوع هو من يحدد مستقبلهم، ولذلك سنجد الأغلبية يرفضون ذلك برغم الاستطلاعات التي لا تفي بالغرض في ظل عدم وجود حركة رسمية من بغداد أو حتى من داخل الإقليم”.
المصدر: الصباح