حرية – (19/2/2023)
لقد انفطر قلبي بعد أن هجرني زوجي من أجل امرأة أخرى، وعانيت كثيراً كي أستعيد صورتي وثقتي بنفسي، وحينما أصبحت عزباء من جديد بعد زواج طويل أدركت بأنه من الصعب استيعاب كل تفاصيل عالم المواعدة المعاصر.
ثمة مجموعة من القوانين والمفاهيم غير المعلنة وتعابير عليكم أن تفهموها وشيء كثير من علم النفس الذي يجب التعامل معه، وبما أنني طبيبة نفسية قررت أن أعتبر المواعدة تجربة علمية وأكتب عن تجربتي معها، ومنذ تلك اللحظة قابلت 100 رجل في 100 موعد غرامي.
لدينا في السويد مقولة عن المطلقين الجدد يمكن ترجمتها بـ “مطلق وجامح” وقد يصح أيضاً ترجمتها بـ “أفلت من عقاله”.
يستخدم هذا التعبير لوصف حال المرء حينما يكون في أشد الحماسة للتعرف على أشخاص جدد، ومن حسن الحظ أن معظم مواعيدي الغرامية وقعت ضمن هذه الفترة.
بدأت تحميل تطبيقات للمواعدة وصرفت ساعات طوال عليها أجرب تحميل مختلف الصور على صفحتي الشخصية وكتابة تعريفات مختلفة عن نفسي، واخترت أن تتراوح أعمار الرجال الذين قد أواعدهم بين 18 و100 عام، أي أقصى فئة عمرية ممكنة، فجمعتني التطبيقات مع مجموعة منوعة وواسعة من الأشخاص.
وبعدها حل وقت المواعيد الغرامية. التقيت بأشخاص من أنحاء السويد كافة، بدءاً من مدينة ستوكهولم ووصولاً إلى قرى الريف وحتى عبر بحر البلطيق إلى هلسينكي في فنلندا. راسلت آلاف الأشخاص إلكترونياً وجربت استراتيجيات عدة للبدء في الحديث، منها إرسال صور في شريط فيديو أو صور ثابتة ورموز تعبيرية “إيموجي” emoji، وانتظار أن يبدأ الشخص الآخر بالحديث.
كذلك التقيت رجالاً في الحانات وأثناء رحلات بحرية وضمن مكان عملي وفي فعاليات المواعدة السريعة، وبنيّة صافية حاول أصدقاء وأقارب كثيرون أن يجمعوني بأشخاص بشكل مباشر.
حصلت على نتائج متنوعة وانتظرت رجالاً لم يأتوا إلى الموعد، وتواعدت مع أشخاص تبين أنهم خلقوا شخصيات إلكترونية مزيفة من أجل جني المال، فيما اختفى آخرون فجأة بعد موعدي معهم بل حتى خلاله، وكذلك تجاهلني بعضهم الآخر بينما استمر بعض الرجال بإعطائي أملاً مزيفاً كي أظل متعلقة بهم.
واعدت حفار قبور وساحر وكاهن مستقبلي ولاعبي رياضة كمال الأجسام وعمال مناجم، وغازلت آباء في سيارتي والتقيت شباباً صغار السن في الحانات والمقاهي.
وفي إحدى المرات ضربت موعدين متتاليين في المقهى نفسه، لكن العازب رقم اثنين أتى قبل أن أنتهي من توديع العازب رقم واحد.
أرسل لي صورة كوب الجعة التي يحتسيها وكتب تحتها “آنا هنا الآن”، واضطررت أن أتسلل خارجاً وأودع صاحب الموعد الأول ثم أدخل إلى دورة المياه وأغير سترتي كي أبدو كأنني شخص آخر، وأعود بعدها للصالة على أمل ألا يكون قد أدرك بأنني السيدة نفسها التي غادرت منذ بضع دقائق بصحبة رجل آخر.
وقعت لحظة مضحكة أخرى حينما ظللت ألتقي برجال في حانة الفندق نفسه، وبدأ النادل يرمقني بنظرات غريبة.
من باب الإنصاف مرّ على طاولتي كثير من الأشخاص، ويمكنكم أن تقولوا أنها كانت “سيلاً مستمراً” من الخُطاب، لكن الأمور انتهت نهاية جيدة. وماذا عن النادل؟ لقد أصبح الموعد الغرامي رقم 98. ومن لحظة التطابق مع أحدهم في التطبيق والتراسل معه إلى الموعد الأول والتواصل بعد الموعد سجلت إحصاءات حول تجاربي وحللت واختبرت العملية كلها من الأساس، ومن بين الـ 100 موعد مررت بثمانية مواعيد جيدة جداً وخمسة سيئة و87 بين بين.
بالنتيجة اخترت للكتاب الذي وضعته حول هذه التجربة عنوان “100 موعد غرامي”، لأن تلك كانت محصلة سلسلة مواعيدي الشخصية مع أكثر من 100 شخص مختلف، يضاف إلى أولئك الأشخاص أبحاثي العلمية المكثفة ومقابلاتي مع أشخاص آخرين يجربون المواعدة و10 آلاف شخص جمعتني تطبيقات المواعدة معهم، ولا شك في أن الذهاب في 100 موعد غرامي كان صعباً، لكن ذلك شكّل مغامرة مثيرة وتثقيفية بالطبع.
“إذاً، هل عثرت على رجل الأحلام”؟ لا ينفك الأصدقاء والغرباء يطرحون هذا السؤال علي. وتأتي الإجابة بـ “وجدته نعم”، لكن ليس عبر المواعيد الـ 100 تلك.
انتهى المشروع وأخذت الطائرة كي انتقل من ستوكهولم إلى كوبنهاغن، وفيما أخذت أصارع حقيبة السفر الثقيلة وأحاول حملها كي أضعها في مقصورة الحقائب العليا سمعت صوتاً عذباً يسألني إن كان يستطيع تقديم يد المساعدة، ومنذ تلك اللحظة لم أترك تلك اليد.
كتاب “100 موعد غرامي”، للدكتورة أنجيلا أهولا يصدر عن “دار بلوبيرد”، ويعرض الكتاب للبيع الآن في مكتبات المملكة المتحدة والسويد.