حرية – (1/3/2023)
هذه بدينة وتلك ذات قوام نحيل للغاية وثالثة وجهها منتفخ ويجب أن تتوارى عن الأنظار، وهناك أخرى أيضاً تجاوزت الـ 50 من عمرها ولم يعد مرحبا بها على السجادة الحمراء أو حتى في مراسم حزينة مثل العزاء.
تلك هي بعض أفكار رواد الإنترنت التي طاولت عدداً من أبرز النجمات اللامعات اللاتي ينتمين لأجيال مختلفة ويعتبرن مثالاً يحتذى في الجمال والأناقة والاهتمام بأنفسهن على مستويات عدة.
وعلى رغم أن فكرة التنمر الإلكتروني باتت كأنها مهنة بدوام كامل لبعضهم بسبب أو من دون، وبالتالي لم تعد الفنانات على وجه التحديد يشغلن بالهن بالرد على التعليقات المسيئة والساخرة من مظهرهن، ولكن أخيراً حرصت مجموعة منهن على التعبير عن غضبهن من تلك الإساءات المتوالية التي تنتشر وتتفاقم بلا رادع.
الأسابيع الماضية شهدت فصلاً جديداً من فصول التنمر المتجددة على المشاهير، وقائمة الضحايا تضم نجمات مثل مادونا وسيلينا غوميز وكريستينا آبلغيت، اللاتي انهالت التعليقات عليهن بلا رحمة تتندر وتطلق اتهامات مع تجاهل غير مفهوم للظروف الصحية التي تعانيها الفنانات أو المرحلة العمرية.
السخرية من المرضى
المغنية والممثلة الأميركية سيلينا غوميز (30 سنة) واحدة من ألمع نجمات جيلها موهبة وشهرة وتميزاً في الإطلالة والمظهر، كما أن لديها خطاً خاصاً بها لإنتاج مستحضرات التحميل وتجيد اختيار الماكياج الملائم لملامحها، ولكن لا شيء يشفع للمشاهير في هذا العصر.
وكانت سيلينا على الدوام محل انتقادات، فقد لقيت الشابة سخرية عارمة حينما ظهرت بملابس السباحة ووصفت بالبدينة، واعتبر المعلقون أنها غير موفقة في أن ترتدي تلك الملابس وأن تظهر تفاصيل قوامها بينما تعاني الوزن الزائد، فتلك الزيادة الطفيفة كانت كفيلة بأن تجر عليها وابلاً من الردود القاسية على صورها التي بدت فيها واثقة للغاية من نفسها وغير مبالية، ومع ذلك فعنف التعليقات في النهاية أثر فيها وجعلها تخرج في بث مباشر تحاول أن تبدو فيه قوية لترد على المتنمرين بأن السبب في أنها تبدو سمينة بعض الشيء هو الأدوية التي تواظب عليها بسبب مرضها المناعي المزمن، فمن الآثار الجانبية لأدوية علاج مرض الذئبة الحمراء تكوّن المياه في الجسم.
ولفتت المغنية والممثلة الأميركية إلى أنها حينما تتوقف عن تناوله يعود قوامها لطبيعته، لكنها شددت مع ذلك على أن كل ما يهم هو صحتها وليس أن تبدو ملائمة في نظر بعضهم، وأشارت إلى أنه غير مطلوب منها أن تكون ذات جسد مثالي وممشوق على الدوام لأنها فنانة وليست عارضة أزياء ولا تنوي أن تمتهن تلك المهنة يوماً ما، بحسب قولها.
مادونا في صورة نشرتها لمواجهة المتنمرين على ملامحها
ومن المعروف أن النجمة ذات الأصول المكسيكية الإيطالية خضعت قبل بضع سنوات لجراحة زرع الكلى وتتناول علاجاً مدى الحياة بسبب هذا الإجراء، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد إذ اتهمت العارضة والمؤثرة كايلي جيني بالسخرية كذلك من ملامح سيلينا في فيديو عبر “تيك توك”، إلا أنها عادت وأوضحت أنها لم تكن تقصد الإساءة.
اتهام شبيه أيضاً لاقته العارضة هايلي بيبر التي حاولت أن تنفي عن نفسها التهمة بطرق عدة، وفي المقابل كانت هناك ملامح للتضامن مع غوميز التي قالت إنها كانت تتمنى أن تكون بالفعل بجمال عارضة الأزياء ذات الأصل الفلسطيني بيلا حديد، لترد عليها ليدي غاغا بأنها بالفعل جميلة من الداخل والخارج، كما دعمتها أيضاً صديقتها النجمة تايلور سويفت، في حين قدم محبوها حملة لمحاولة مساندتها لتربح خلال أيام قليلة أكثر من 4 ملايين متابع إضافي لحسابها على “إنستغرام” وتقترب من 400 مليون متابع على المنصة الشهيرة.
أسطورة البوب تواجه ملوك التنمر
لا سبيل أمام أحد للنجاة من التنمر، فحتى نجمة توصف بأنها أسطورية مثل مادونا لم يشفع لها تربعها على عرش الغناء واستمراريتها في المنافسة طوال عقود، كما أنها تتمتع بلياقة تمكنها من أداء حركات صعبة في أغنياتها المصورة حتى الآن، وبالتالي كانت على رأس حضور حفل الأكاديمية الوطنية لتسجيل الفنون والعلوم (غرامي) الذي أقيم مطلع فبراير (شباط) الماضي في لوس أنجليس بالولايات المتحدة، ولكن الاعتراف بالتميز والنجاح ليس شيئاً أمام رغبة بعضهم في تأكيد أفكاره المتعلقة بصورة معينة للنساء.
قضت ملكة البوب الفترة الماضية في محاولات عدة لمواجهة ملوك التنمر، وردت في رسالة مطولة عبر حسابها الرسمي على “إنستغرام” لتؤكد أنها سعيدة بأن تكون كبش فداء لمروجي خطاب الكراهية ضد النساء اللاتي تجاوزن الـ 45 من عمرهن، وأشارت إلى أنه ربما يعطي اهتمامها بالتعليق على تلك الأمور بشكل حاسم الفرصة للنساء مستقبلاً للتركيز في إنجازاتهن بدلاً من تضييع الوقت في مثل تلك الأمور.
وأوضحت أن هناك تياراً كبيراً ينشر الكراهية والاحتقار ضد النساء المستمرات منذ عقود في تحقيق النجاحات ويريد معاقبتهن على قوتهن وروح المغامرة لديهن، لافتة إلى أنها لن تعتذر من خياراتها الإبداعية والمتعلقة بمظهرها، إذ اُتهمت بأنها تبالغ في عمليات التجميل وأنها لا تريد أن تعترف بالعمر، معتقدة أنها يمكن أن تعود بالزمن للوراء لتشبه نفسها قبل نصف قرن مضى.
ولكن مادونا أمعنت في مواجهة كل ما تتعرض له من سخرية وتنمر ونشرت صورة جديدة لها وأبدت سعادتها بأن تورم ملامحها بدأ يتلاشى وأنها تتعافى من الجراحة، في إشارة إلى أنها لا تجد أزمة في أن تعلن خضوعها للإجراءات التجميلية.
تشكيك واتهامات
ومثلما لم تسلم سيلينا غوميز من التعليقات الحادة المتعلقة بتداعيات مرضها المزمن على ملامحها، واجهت الممثلة كريستينا آبلغيت موقفاً مشابهاً وربما يكون أشد قسوة، فبطلة مسلسل “Dead to Me” صدمت حينما وجدت تعليقات تتهمها بأن تضخم ملامح وجهها يعود لخضوعها لجراحة تجميل فاشلة، وأنها تنكر الأمر.
وتكرر الأمر كثيراً تعقيباً على صورها في حفل توزيع جوائز اختيار النقاد الذي أقيم منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي، لتتساءل ماذا حدث للناس؟ واصفة التعليق بأنه لم يكن لطيفاً أبداً، إذ تعاني آبلغيت من مرض التصلب المتعدد وتضطر إلى تناول جرعات عالية من الأدوية مما يعرضها لزيادة الوزن، كما أنها باتت تحضر الفعاليات الفنية وهي تستخدم العكاز أو جالسة على كرسي متحرك، إذ إن مضاعفات المرض تمكنت منها بشكل واضح، وتكرر الأمر أيضاً بظهورها في حفل توزيع جوائز (SAG) قبل أيام، فلم تكتف بالعكاز بل استعانت بابنتها أيضاً لتساعدها في السير على السجادة الحمراء.
التنمر في يد المغردين العرب
عربياً يبدو التنمر أيضاً وكأنه اللعبة المفضلة لبعض رواد الفضاء الإلكتروني، إذ يتم التحقيق حالياً في واقعة وفاة الطالبة رودينا أسامة التي فارقت الحياة إثر تعرضها لأزمة قلبية، وبحسب ما كشفت التحريات فقد دأبت زميلاتها في المدرسة على السخرية من شخصيتها وملامحها وكانت تشعر بحزن واكتئاب بشكل دائم، ويرجح من حولها أن تكون الأزمة القلبية التي طاولتها في سن صغيرة بسبب عدم تحملها كل تلك السخرية القاسية.
وفي السياق فقد كان ظهور عابر وغير واضح للطفلة الصغيرة كايلا ابنة الفنانة دنيا سمير غانم قبل أسابيع كفيلاً بارتكاب كم من الجرائم الإلكترونية بحق الصغيرة التي تندر المعلقون على ملامحها، مما جعل خالتها الفنانة إيمي سمير غانم ترد بشكل حاسم مطالبة الجميع بالصمت واحترام خصوصية الأسرة.
هل المواجهة حل؟
الفنانة المصرية ميرفت أمين (74 سنة) واحدة من أبرز جميلات السينما العربية حتى بعد تقدمها في العمر، نظراً إلى ما تتمتع به من ملامح طبيعية من دون تعديلات أو جراحات، تعرضت أيضاً لحملة تنمر بسبب ظهورها من دون ماكياج وبوجه باك خلال واجب عزاء المخرج علي عبدالخالق في سبتمبر (أيلول) العام الماضي، فيما حرصت على أن تعلق على هذا الموقف مبدية استغرابها من تفرغ بعضهم لهذا النوع من النشاط، ولافتة إلى أنها كانت في مراسم عزاء وبالتالي فمن البديهي أن تظهر بهذا الشكل، كما أبدت ضيقها من حملات السخرية بشكل عام من ملامح الفنانات المتقدمات في العمر.
وعلى رغم أن وقائع التنمر الإلكتروني على النجمات بالتحديد باتت معتادة لدرجة أنهن كن يفضلن عدم إعطائها قيمة تذكر ويخترن التجاهل التام وغض الطرف، ولكنهن حرصن أخيراً على التعبير عن غضبهن وشرح وجهة نظرهن ومواجهة حملات الترهيب، فهل يمكن أن تكون آلية الدفاع تلك مجدية في ما يتعلق بإخراس الألسن الساخرة من الجميلات؟