حرية – (8/3/2023)
لم يتبق إلا نحو 130 متراً من شارع الكاردو الذي يربط بين شمال بلدة القدس وجنوبها، وذلك بعد ألفي عام على إنشائه من قبل الرومان خلال سيطرتهم على واحدة من أقدم مدن العالم وأكثرها حساسية.
ويصل شارع الكاردو ويعني باللغة اللاتينية “القلب” بين بابي العمود (دمشق) والنبي داوود (صهيون) مروراً بسوق خان الزيت، ويقسم البلدة القديمة إلى قسمين شرقي وغربي.
كما أقام الرومان شارع “دوكومانوس” الذي يصل بين شرق البلدة القديمة للقدس وغربها، وقسمها إلى أربعة أجزاء.
شوارع علوية وأخرى سفلية
ويبدأ ذلك الشارع من باب الخليل غرباً وصولاً إلى المسجد الأقصى حالياً مروراً بباب السلسلة.
وبسبب الطبيعة الطبوغرافية للبلدة القديمة للقدس ووقوعها فوق أربعة تلال وبين ثلاثة وديان، أقام الرومان فيها شوارع علوية وأخرى سفلية، كما بنى الرومان مدن جرش وسبسطية ودمشق وأقاموا مدينة القدس وفق أسلوب عمراني واحد.
يقصد الشارع حالياً مئات آلاف السياح الأجانب الذين يزورونه للتعرف إلى البلدة القديمة للقدس
لكن مدينة القدس تمتاز بالشوارع العلوية والسفلية بسبب طبيعتها الطبوغرافية.
وفي جولة لـ”اندبندنت عربية” في البلدة القديمة لم يظهر إلا أقل من 130 متراً من شارع الكاردو قرب حارة الشرف (حارة اليهود) وقوس النصر على مدخل باب العمود.
وفي أول الشارع رسمت لوحة من الفسيفساء تظهر الحركة التجارية والاقتصادية والمارة في شارع الكاردو منذ بداية إنشائه.
ويظهر في اللوحة الحوانيت التجارية المنتشرة على جانبي الشارع والأعمدة التي ميزت العمارة الرومانية في تلك الحقبة الزمنية.
وتقع الأعمدة الرومانية في وسط الشارع، وبقايا الحوانيت القديمة على جانبيه.
شارع “الكاردو” يشكل شهادة على قدم مدينة القدس
تخطيط روماني
وبسبب تعاقب الحضارات على القدس، أصبحت غالبية الشارع تقع على بعد خمسة أمتار أسفل البلدة القديمة للقدس حالياً.
ويقصد الشارع حالياً مئات آلاف السياح الأجانب الذين يزورونه للتعرف إلى البلدة القديمة للقدس.
وقال المؤرخ الفلسطيني يوسف النتشة إن “القدس الحالية وبلدتها القديمة هي بتخطيط روماني، إلا أن مظاهرها وأبنيتها عربية إسلامية”.
وقال وهو يجلس في مكتبه قرب سوق القطانين في البلدة القديمة للقدس، إن وجود المسجد الأقصى أدى إلى شق طرق جديدة تصل إليه من مداخل القدس القديمة.
وأضاف النتشة أن المسجد الأقصى هو المبنى الأقدم في البلدة القديمة للقدس، مشيراً إلى أن “كنيسة القيامة لم تحافظ على شكلها الذي بنيت عليه، إذ أعيد بناؤها مما أفقدها شكلها الأصلي”.
وتابع أن الحاجة الطبيعية والتطور العمراني والكثافة السكانية في القدس أسهمت في إجراء بعض التغييرات على المدينة. أضاف “ذلك لم يتم فرضه وإنما جاء استجابة للمتغيرات”.
هذا واعتبر الباحث في تاريخ القدس روبين أبوشمسية أن الرومان شقوا الشوارع في القدس لتصل بين أجزاء البلدة القديمة في القرنين الأول والثاني الميلادي، مشيراً إلى أن معظم تلك الشوارع يقع حالياً أسفل البلدة القديمة ما عدا 127 متراً منها.
يقسم شارع “الكاردو” البلدة القديمة إلى قسمين شرقي وغربي
سوق خان الزيت
وقال أبوشمسية إن سلطة الآثار الإسرائيلية رممت ذلك الجزء قرب حارة الشرف (اليهود) وتحول إلى موقع سياحي يشهد على قدم المدينة.
وأوضح أبوشمسية أن القدس تمتاز عن المدن الرومانية القديمة بوجود شارعين متوازيين فيها، مضيفاً أن ذلك “الشارع مرسوم على خريطة أرضية كنيسة في مدينة مادبا الأردنية”.
هذا وأشار المحاضر الجامعي المقدسي فخري أبودياب إلى أن شارع الكاردو يشكل شهادة على قدم مدينة القدس، ويوفر لمحة عن الحياة الاقتصادية والعمرانية للبلدة القديمة للمدينة.
ويجاور الجزء الظاهر من شارع الكاردو سوق خان الزيت التي بنيت عام 1336، وتعد من أجمل أسواق مدينة القدس الواقعة داخل أسوارها.
وتشكل السوق المدخل الأساسي لأسواق البلدة القديمة، وتمتد من أولى درجات باب العمود إلى نهاية طريق كنيسة القيامة.
وكحال أسواق البلدة القديمة للقدس هي عبارة عن شارع طويل يشمل عدداً كبيراً من الحوانيت المتقابلة في صفين.