حرية – (8/3/2023)
تطورات متسارعة في العلاقات العراقية الأمريكية تنحو منحى الاستراتيجية توجتها زيارة وزير الدفاع الأمريكي إلى بغداد ودعواته لادماج بغداد مع شركاء واشنطن في المنطقة.
فيما عدها مراقبون انها تأتي على حساب العلاقات مع إيران ومعرفة مدى تنفيذ التعهدات العراقية في هذا الشأن.
العلاقات العراقية الأمريكية
جاء لويد اوستن وزير الدفاع الامريكي ليختبر عن قرب تعهدات بغداد بالخروج من الثوب الايراني وحماية قوات التحالف.
وفور وصول اوستن الى العاصمة في زيارة غير معلنة، التقى مع رئيس الحكومة محمد السوداني، فيما زار إقليم كردستان في وقت لاحق والتقى بمسؤوليه.
ويقول سياسيون ان الحكومة في موقف حاسم بشأن تحديد موقفها من إيران، وان “الإطار” تراجع خطوات الى الخلف بشأن شعارات “المقاومة”.
وتداولت المنصات العراقية الالكترونية صورا أمس، لهبوط طائرة اوستن في قاعدة فكتوريا قرب مطار بغداد.
وقالت مصادر سياسية مطلعة ان زيارة وزير الدفاع الامريكي: “هي استكمال للخطوات السابقة التي قامت بها الحكومة العراقية لتطوير العلاقات مع واشنطن”.
اختبار الضمانات العراقية
واشارت تلك المصادر التي طلبت عدم الاشارة الى هويتها الى ان اوستن “جاء ليتأكد عن قرب من الضمانات التي اعطيت الى واشنطن لحماية قوات التحالف في العراق وتقليص النفوذ الايراني”.
وقبل اسبوع كان قد عاد وفد الحكومة من واشنطن بعد ان أجرى حوارات حول منع تسرب الدولار الى إيران وتوسيع الشراكة مع الولايات المتحدة.
وبحسب وكالة رويترز ان واشنطن ليست مهتمة فقط بالجانب العسكري، لكنها “ترغب بشكل كبير بإقامة شراكة استراتيجية كاملة مع الحكومة العراقية”.
وأشارت الوكالة نقلا عن المصدر الذي لم تذكر اسمه الى أن “جوانب ذلك التعاون الذي ترغب واشنطن بتحقيقه سيتم الكشف عنها لاحقا”.
ومؤخرا بدأ العراق بإنتاج الغاز، فيما ترددت انباء عن ان ذلك جاء بدعم من واشنطن ضمن سياسات خنق إيران.
القوات الأمريكية باقية
الى ذلك أكد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، عقب لقاء اوستن حرص الحكومة على تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وذكر المكتب الاعلامي لرئيس الحكومة انه “جرى خلال اللقاء استعراض التعاون المشترك بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية، وأداء القوات الأمنية العراقية في مكافحة الارهاب، وملاحقة عصابات داعش الإرهابية”.
وأكد السوداني خلال اللقاء “حرص الحكومة على تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية، وتوطيدها، على مختلف المستويات والصعد”.
وذكر أن “استقرار العراق مفتاح لأمن المنطقة واستقرارها”، مشيرا الى “دور العراق في تقريب وجهات النظر وخفض التوترات بالمنطقة”.
من جانبه، أكد وزير الدفاع الأمريكي أن “القوات الأمريكية جاهزة للبقاء في العراق حسب رغبة الحكومة العراقية، وسنواصل العمل مع شركائنا لمواجهة تهديد داعش”.
وقال وزير الدفاع الأمريكي، في مؤتمر صحفي إن “التحالف عمل مع الحكومة العراقية من أجل القضاء على تنظيم داعش”.
وأضاف، أن “العمل العسكري وحده لن يضمن القضاء نهائيا على تنظيم داعش”. وأوضح أوستن: “حررنا من خلال التحالف الدولي العراقيين من طغيان داعش”.
مردفا أن “القوات العراقية أصبحت في مقدمة الجهود الأمنية”.
ولفت إلى، أن “القوات الأميركية الموجودة في العراق تقدم النصيحة والدعم، وأنها موجودة في العراق بطلب من الحكومة”.
دمج العراق مع شركاء أمريكا في المنطقة
وأكد أوستن: “نؤمن بضرورة دمج العراق مع الشركاء في المنطقة، ومتفائل بمستقبل الشراكة مع العراق وسنعمل على تعزيزها”.
وكانت الحكومة العراقية قد بدأت قبل ايام بتشكيل لجان لمتابعة الجوانب الاقتصادية والثقافية والتجارية ضمن اتفاقية الإطار الستراتيجي مع واشنطن.
زيارة سرية غايتها تمتين العلاقات العراقية الأمريكية
وعن سرية زيارة اوستن الى بغداد، يقول احسان الشمري رئيس مركز التفكير السياسي ان “هناك تدابير أمنية واغلب المسؤولين الامريكان يعلنون عن زيارتهم بعد وصولهم او عقب انتهاء الزيارة”.
واعتبر الشمري ان وجود وزير الدفاع الأمريكي في بغداد “يمثل الاستدارة السريعة لواشنطن للعلاقات مع العراق خصوصا مع صعود حلفاء إيران الى السلطة”.
واشار الى ان الولايات المتحدة “لا تريد ان تذهب الحكومة باتجاه إيران كما كان في حكومة عادل عبد المهدي”.
واوضح الشمري ان “امريكا لا تريد كذلك ان يكون العراق جهة تهديد لمصالح واشنطن واصدقائها في المنطقة”.
بالمقابل ان زيارة وزير الدفاع قد تحمل رسائل اخرى مختلفة بحسب زعيم حزب الامة مثال الالوسي.
ويقول الالوسي ان “واشنطن تريد ان تقول لإيران بانها متواجدة في العراق، ولإسرائيل والعالم بانها تسيطر على الاوضاع في بغداد”.
اما بالنسبة للحكومة العراقية فان الالوسي وهو نائب سابق يقول ان “السوداني يريد ان يقول للأمريكان بانه سيكون معهم بغض النظر عن اهواء الإطار التنسيقي”.
الحكومة على محك العلاقات مع إيران
ويحذر الالوسي من ان “الحكومة العراقية الان في مفترق طرق اما ان تسقط او تبتعد عن إيران”.
لكن الباحث السياسي احسان الشمري يعتقد ان التحالف الشيعي: “مدرك لأهمية امريكا لاستمرار الاطار التنسيقي بالحكم، وقد تراجع بذلك خطوات عن شعاراته السابقة بالمقاومة”.
ويعتبر الشمري انه حتى لو اختلف الإطار التنسيقي مع السوداني حول العلاقة مع واشنطن فأنها لن تخرج للعلن، خصوصا وان المجموعة الشيعية تخلصت من الاحراج تحت ذريعة “تفويض السوداني بإدارة الامر مع امريكا وبانها قضية تتعلق بالجهاز التنفيذي”.
وبعد ذلك، وصل أوستن إلى أربيل والتقى مع رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني.
وقال بارزاني خلال مؤتمر صحفي جمعه مع أوستن على هامش اللقاء، إن “آراء الجانبين كانت متفقة بشأن أهمية حل المشاكل بين أربيل وبغداد للاستقرار في المنطقة”.
مشدداً على أن “إقليم كردستان سيكون دوماً عامل استقرار للمنطقة”.
من جانبه، أكد أوستن دعم بلاده لمذكرة التفاهم بين البيشمركة وأميركا، معرباً عن ادانته للهجمات الايرانية المستمرة، وداعيا بغداد وأربيل الى العمل معاً.
وأشار، إلى العمل المشترك بين الجانبين على مدى أكثر من 10 أعوام،.
مضيفاً: “لقد حررنا مساحة واسعة من داعش بالتعاون مع التحالف الدولي”.