حرية – (9/3/2023)
يمكن للنساء والفتيات الصغيرات المهددات بالختان في بلدانهن الأصلية، التقدم بطلب للحصول على اللجوء في فرنسا. إجراءات اللجوء لهذا السبب لها بعض الخصائص.
عاشت مريم في خوف مستمر على ابنتها عندما كانتا في بلدهن، ساحل العاج. أرادت هذه السيدة والأم لخمسة أطفال، القدوم إلى فرنسا لحماية طفلتها الوحيدة من الختان. منذ عيد ميلاد الطفلة الأول، بدأت عائلة الأب بالضغط على مريم للموافقة على ختان ابنتها. تقول “عندما كانت في الثالثة من عمرها، اضطررنا للمغادرة لأنه وبالنسبة للعائلة، هذا هو الوقت المثالي لختان الفتيات”.
حالهن كحال مريم، تطلب آلاف النساء كل عام اللجوء في فرنسا، لأنفسهن أو لبناتهن، في سبيل الحماية من هذه العادة. يعتبر الختان جريمة يعاقب عليها بالسجن في فرنسا، وفي عام 2012، أقر مجلس الدولة في فرنسا بأنه يمكن حماية الأشخاص الفارين من ختان الإناث بموجب معايير اتفاقية جنيف لعام 1951.
النساء المعنيات من خلفيات مختلفة.. لكنهن يتشاركن المخاوف ذاتها
تشرح أنالو كلينشميت المسؤولة عن ملف العنف الموجه ضد النساء لدى المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية “أوفبرا”، أن “النموذج الأكثر توافداً لدينا غالباً ما يكون لفتاة مولودة في بلدها الأصلي، أو خلال طريق الهجرة أو في فرنسا، وتأتي برفقة والدتها، سواء كانت الأم مختونة أم لا، وأحياناً مع كلا الوالدين”.
وتتابع “لدينا أيضا ملفات عن نساء لم يخضعن للختان في بلدانهن الأصلية، لكن وفي سياق الزواج القسري على سبيل المثال، يدرك الزوج أنهن غير مختونات، مما يدفع المرأة للهرب خوفاً من الختان”.
مثال آخر على ذلك يتمثل في “النساء اللواتي استفدن من الجراحة الترميمية بعد الختان، لكنهن يطلبن إعادة فحص طلباتهن لدى أوفبرا، لأنهن يخشين إعادة الختان (إذا تم طردهن إلى بلدهن الأصلي)”. كما يستقبل مكتب اللجوء فتيات صغيرات وصلن إلى فرنسا بمفردهن بعد فرارهن من بلادهن لتجنب الختان.
شهادة إجبارية للقاصرات
في معظم الحالات، يتم تقديم طلبات اللجوء المتعلقة بختان الإناث من قبل الأم أو الوالدين نيابة عن طفلتهن. وتؤكد أنالو كلينشميت “يتم الاستماع للوالدين كممثلين قانونيين”.
ويجب تقديم شهادة طبية إلزامية لطلبات اللجوء المتعلقة بختان الإناث للقاصرات، ويتم تسليم المستند إلى الممثلين القانونيين للطفل بعد الفحص الطبي الذي يجب إجراؤه في وحدة طبية قضائية (UMJ)، والتي يمكن العثور على قائمة منها على موقع “أوفبرا”.
توضح أنالو كلينشميت “هذه هي الحالة الوحيدة في جميع طلبات اللجوء التي يقوم بها أوفبرا بتحمل تكاليف الفحص الطبي. الفكرة هي أن يتم إجراء الفحص من قبل أطباء مدربين في هذا النوع من الفحوصات، لأنه ليس من السهل أن يتم إخضاع فتاة قاصر لفحص يتعلق بأمراض النساء”. وتعتبر هذه الشهادة إجبارية سواء تعرضت الفتاة للختان أم لا.من ناحية أخرى، فهذه الشهادة ليست إلزامية للنساء البالغات. إذا رغبت طالبة اللجوء في إجراء فحص طبي يثبت أنها تعرضت للختان أم لا، فيمكنها إجراؤه عبر مقدم الرعاية الصحية الذي تختاره، مثل الطبيب العام أو الطبيب النسائي.
“نحاول أثناء المقابلة إيجاد أكبر عدد ممكن من الأدلة الموضوعية”
بعد ذلك، يجري طالبو اللجوء مقابلة مع أحد ضباط الحماية في المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية “أوفبرا”. خلال هذه المقابلة، “نسعى جاهدين لإيجاد أكبر عدد ممكن من الأدلة الموضوعية” لإثبات وجود تهديد متعلق بالختان، وفقاً لأنالو كلينشميت. وبناء على ذلك، تتعلق الأسئلة بـ”الأسرة والروابط العائلية والبيئة الأسرية. هل طالبة اللجوء من عائلة تطبق الختان؟ هل تم ختان الأخوات الأكبر سنا؟ في أي نوع من البيئة الاجتماعية تعيش وهل تنحدر من المدينة أم من الريف؟”. لذا فقرار ضابط الحماية يبنى على “مجموعة من الأدلة، وليس على تفسير واحد على الإطلاق”.
إذا منح مكتب “أوفبرا” حق اللجوء لفتاة صغيرة، يمكن لوالدتها أو والداها الحصول على تصريح إقامة للـ”حياة الخاصة والعائلية” للبقاء معها في فرنسا.
طالما أن الطفلة قاصر، وحتى بعد حصولها على الحماية، يجب فحصها كل خمس سنوات من قبل وحدة طبية قضائية للتحقق من أنها لم تتعرض للتشويه، والذي يمكن أن يحدث على سبيل المثال أثناء العطلات في الخارج أو أثناء زيارة عائلية في فرنسا. تظل الفتاة تحت مسؤولية والديها حيث تقع عليهما مسؤولية حمايتها من التشويه. إذا تم ختان الطفلة في أي وقت أثناء حمايتها من قبل “أوفبرا” بموجب اللجوء، فسيكون والداها عرضة للغرامة والسجن.
النساء يقعن ضحايا للتضليل.. “لو استخدمن قصصهن الحقيقة لحصلن على الحماية”
على الرغم من قصتها، فشلت مريم في الحصول على الحماية لابنتها. ورفض طلبها من قبل “أوفبرا”، ثم من قبل المحكمة الوطنية لحق اللجوء (CNDA)، وتعتقد الأم أن ملفها رُفض لأنها “أساءت التعبير” أثناء المقابلة وجلسة المحكمة.
إيوانا باربو محامية في نقابة المحامين في باريس، ومتخصصة في القانون الإداري والقانون العام وكذلك في مجال حقوق الأجانب، تساعد بانتظام النساء اللواتي يطلبن اللجوء المتعلق بالختان. تشرح لمهاجر نيوز أن رفض اللجوء في معظم الحالات، ينبع من عدم استعداد النساء لمقابلة اللجوء الخاصة بهن.
تؤكد المحامية أن النساء اللواتي يطلبن اللجوء المتعلق بالختان غالبا ما يقعن “ضحايا للمعلومات المضللة من أفراد العصابات المنظمة الذين يخبرونهن أن يقلن تفاصيل معينة، على الرغم من أنهن لو استخدمن قصصهن الحقيقة لحصلن على الحماية”.
تحتاج بعض النساء أيضا إلى المساعدة لأنهن “لم يسلطن الضوء على التفاصيل المطلوبة للمقابلة”.
بالنسبة لهؤلاء النساء المهمشات في كثير من الأحيان، تبدأ الصعوبات في طلب اللجوء منذ تقديم الملف في المحافظة. تضيف المحامية “في بعض الأحيان لا تتحدث هؤلاء النساء الفرنسية، ويجدن صعوبة في تقديم طلباتهن إذا لم يكن لديهن مسكن، خاصة إذا كان لديهن طفل على سبيل المثال”.
أسئلة نمطية
تساعد إيوانا باربو بانتظام طالبات اللجوء المرفوضات من قبل “أوفبرا” في سياق استئنافهم أمام المحكمة الوطنية “CNDA”. وبصفتها محامية، يمكنها الوصول إلى تفاصيل مقابلاتهن في “أوفبرا”. وعلى الرغم من تقديرها لوجود نوايا إيجابية أثناء المقابلات، إلا أنها تستنكر الأسئلة النمطية للغاية، “على سبيل المثال، يتعين على ضباط الحماية طلب تفاصيل رحلة الشخص إلى فرنسا، وبياناتهن الشخصية”.
ووفقا للمحامية، الأسئلة المحددة المتعلقة بختان الإناث تدور بشكل أساسي حول علاقة مقدمة الطلب بأسرتها، “اليوم، إذا عدت إلى بلدك، ما الذي تخافين منه؟ كيف تصفين علاقتك مع والديك؟ يجب الأخذ بعين الاعتبار احتمالية أن تكون للمرأة علاقة جيدة بالعائلة، لكنها تصبح مضطربة بمجرد أن تتحدث عن التقاليد”، بما في ذلك الختان.
في عام 2022، مُنحت حوالي 3,000 قاصرة حق اللجوء في فرنسا لأسباب تتعلق بالختان. أرقام يمكن أن تشهد ارتفاعا لأن عدد الفتيات الصغيرات ضحايا الختان قد ارتفع بشكل حاد في العالم منذ بداية جائحة كوفيد-19. ففي عام 2020، قدر صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA) أن أكثر من 2 مليون فتاة صغيرة ستخضع للختان بحلول عام 2030 نتيجة للجائحة، وذلك لأسباب اقتصادية تتعلق بتسريع زواج هؤلاء الفتيات والتخلص من العبء المادي المترتب على بقائهن في الأسرة.