حرية – (18/3/2023)
كشفت صحيفة عربية عن تفاهم مبدئي بين مختلف الأطراف السياسية حول قانون الانتخابات الجديد وذلك بعد اجتماعات عديدة جرت بينهم.
كشفت أطراف سياسية عراقية مختلفة ، عن توافق جديد بين القوى السياسية الرئيسية في البرلمان، على تمرير قانون الانتخابات الجديد، بصيغته القديمة، التي أجريت فيها انتخابات 2010 و2014 و2018، وفقا لآلية “سانت ليغو”، لكن بقاسم حسابي لأصوات الناخبين بقيمة 1.6، وبنظام الدائرة الواحدة في كل محافظة، وليس عدة دوائر كما أُجريت الانتخابات الأخيرة عام 2021.
التفاهم المبدئي الذي كشفته أطراف سياسية مختلفة، جاء بعد عدة اجتماعات بين القوى العربية الشيعية والسنية والكردية الرئيسية في البرلمان، والتي دخلت ضمن ائتلاف “إدارة الدولة” المشاركة في حكومة محمد شياع السوداني الحالية، لكنه ما زال يواجه رفضاً من قوى مدنية ومستقلة، وترقباً لموقف التيار الصدري من هذا التفاهم الجديد.
شبه إجماع على نظام سانت ليغو وبقاسم 1.6
وشهدت مدن عراقية، خلال الأيام الماضية، تظاهرات جديدة، هي الأوسع من نوعها منذ تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة السوداني نهاية أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي، تخللتها عمليات قطع طرق رئيسية وحرق إطارات في العاصمة بغداد ووسط وجنوب البلاد، نظمتها قوى مدنية مختلفة، ضد قانون الانتخابات المطروح حالياً في البرلمان.
وكشف عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي عبد الكريم عبطان، عن عقد اللجنة خلال الأيام الماضية اجتماعات بحضور ممثلي كافة القوى السياسية.
شبه إجماع على تمرير قانون الانتخابات
وأوضح أن “هناك شبه إجماع على تمرير القانون الجديد وفق نظام سانت ليغو وبقاسم حسابي هو 1.6، وهناك رضى من بعض المستقلين على ذلك، مع تحفظ آخرين عليه”، وفقاً لقوله.
وأضاف أن “الحوارات ما زالت متواصلة للاتفاق بشكل نهائي على شكل القانون، خلال الأيام المقبلة، خصوصاً أن هناك عدم اتفاق على قضية دمج انتخابات مجالس المحافظات مع انتخابات مجلس النواب، في قانون واحد. وكذلك حسم قضية انتخابات عراقيي الخارج، ومسألة طريقة عد وفرز الأصوات، وغيرها من الفقرات، التي ما زال النقاش عليها مستمرا بدون أي اتفاق نهائي”.
ولفت عبطان إلى أن “تمرير قانون الانتخابات الجديد، ربما يؤجل إلى ما بعد تشريع قانون موازنة سنة 2023. فهناك رأي برلماني بأن قانون الموازنة تشريعه أهم خلال الفترة المقبلة. كما أن هناك رأيا آخر بأن يُشرع قانون الانتخابات قريباً كون قانون الموازنة يحتاج وقتاً طويلاً لتشريعه، وربما يتجاوز الـ45 يوماً”.
و”سانت ليغو”، هي طريقة حساب رياضية تنبع في توزيع أصوات الناخبين بالدول التي تعمل بنظام التمثيل النسبي، وتعتمد على تقسيم أصوات التحالفات على الرقم 1.4 تصاعدياً، وفي هذه الحالة، تحصل التحالفات الصغيرة على فرصة للفوز.
لكن العراق اعتمد سابقاً القاسم الانتخابي بواقع 1.9، وهو ما جعل حظوظ الكيانات السياسية الكبيرة تتصاعد على حساب المرشحين الأفراد (المستقلين والمدنيين)، وكذلك الكيانات الناشئة والصغيرة.
قوى ناشئة في البرلمان موافقة
من جهته قال النائب عن “الإطار التنسيقي” عارف الحمامي، إن “ائتلاف إدارة الدولة، رغم امتلاكه الأغلبية البرلمانية، التي يستطيع من خلالها تمرير أي قانون يريده، إلا أنه لا يريد تجاوز أحد، ولهذا النقاشات مستمرة. وهناك شبه إجماع حصل باليومين الماضيين، على أن يكون القانون وفق نظام سانت ليغو 1.6، وبعض النواب المستقلين والقوى الناشئة داخل البرلمان موافقة على هذه الصيغة.
وأوضح الحمامي أن “التيار الصدري، حتى الساعة، لم يبلغنا برأيه بخصوص قانون الانتخابات الجديد، ونحن مستعدون لسماع رأيه ومناقشته، لكن الصدريين ما زالوا يرفضون أي حوار أو العودة للمشهد السياسي، وهذا خيارهم”.
نفي موافقة المستقلين على “سانت ليغو”
لكن النائب المستقل في البرلمان العراقي حيدر المطيري اعتبر، أن “الكلام حول موافقتهم على تشريع قانون انتخابي وفق الدائرة الواحدة وبطريقة سانت ليغو، غير صحيح، وهو مرفوض من قبل النواب المستقلين والجماهير الشعبية، كما أنه يتعارض وبشكل صريح مع دعوات المرجعية والشارع العراقي، والحديث عن اتفاق النواب المستقلين مع القوى المتنفذة على اعتماد نظام سانت ليغو 1.6 غير صحيح، فهؤلاء لا يمثلون المستقلين إطلاقاً”.
ملاحظات كثيرة على قانون الانتخابات
وبحسب المطيري، “لدينا ملاحظات كثيرة على قانون الانتخابات، والأمر ليس محصوراً بقضية النظام الانتخابي. فهناك اعتراض على المادة 7 من القانون، والتي يُراد منها السماح لبعض الشخصيات، الذين عليهم أحكام جنحة مخلة بالشرف أو فساد إداري، دخول الانتخابات، فهذا الأمر لن نسمح به، وسوف نتصدى له وسنعمل على تعديله، فهذا عليه رفض برلماني وشعبي”.
وأضاف أن “القوى المتنفذة ما زالت تعمل على تمرير قانون الانتخابات المناسب لها من أجل تكريس سيطرتها، وإعادة إنتاج القواعد السياسية والمحاصصة، والسيطرة على مجمل القرار السياسي، وهذا ما لا يمكن القبول به”.
في المقابل، قال المحلل السياسي أحمد الشريفي، إن “المعطيات تؤكد استمرار الخلاف السياسي على قانون الانتخابات الجديد، بسبب إصرار القوى الكبيرة على تمرير نظام “سانت ليغو”، حتى تستحوذ على المقاعد في مجالس المحافظات ومجلس النواب، وحتى لا تعيد تجربة وجود المستقلين، التي أثرت على نفوذها بشكل كبير، خلال الدورة البرلمانية الحالية”.
ترقب لموقف التيار الصدري
ووفق الشريفي، فإن “كل الأطراف السياسية ما زالت تترقب موقف التيار الصدري من قانون الانتخابات، فالصدريون، ربما سيكون لهم موقف إذا أصر الإطار التنسيقي على تمرير القانون بالصيغة التي يريدها هو، وربما يعود الصدريون للشارع من خلال عنوان شعبي وليس صدريا. فمقتدى الصدر حسب المؤشرات لا يريد زج تياره في المشهد السياسي بشكل مباشر خلال المرحلة المقبلة، لكن ربما الظروف سوف تجبره على ذلك”.
وأضاف المحلل السياسي أن “الإطار التنسيقي مع حلفائه في ائتلاف إدارة الدولة قادر على تمرير قانون الانتخابات كما يريد، لما يملكه من أغلبية برلمانية، لكنه تريث بهذا الموضوع، خشية من أي رد فعل للتيار الصدري، ربما يؤثر على استقرار حكومة محمد شياع السوداني. ولهذا الكل يرتقب الآن موقف الصدريين، من القانون”.
وترفض قوى “تشرين” المدنية، القانون المطروح منذ أسابيع في البرلمان جملة وتفصيلاً، من دون التردد في الإعلان عن احتمالية توجههم إلى الساحات والميادين للاحتجاج ضد قانون الانتخابات، فيما يخشى “الإطار التنسيقي” من مشاركة “التيار الصدري”، الذي يرفض هذا القانون أيضاً، في الاحتجاجات في المرحلة المقبلة.