حرية – 11/1/2024
بعد تحديد الحصص اليومية من استهلاك مياه الشرب وحظر استخدامها في غسل السيارات وري المساحات الخضراء وتنظيف الشوارع وتغريم المخالفين، تتجه السلطات في تونس نحو إجراءات أكثر صرامة للسيطرة على استغلال الموارد المائية التي تشهد شحا واضحا بسبب التغيرات المناخية والجفاف المتواصل منذ ما يقرب من الأربع سنوات.
وتعمل السلطات على إقرار إجراءات ردعية في مواجهة إهدار المياه مع تشجيع المزارعين والمستهلكين في المنازل على توظيف التقنيات الحديثة للاقتصاد في المياه وإعطاء الأولوية لمياه الشرب وري الزراعات الأساسية في غذاء التونسي ضمن خطة استغلال الموارد المائية.
ومن المنتظر أن تضبط النسخة الجديدة من مجلة المياه التشريعات المنظمة لاستغلال الموارد المائية في البلاد انطلاقا من الشهر القادم.
إجراءات جديدة للحد من تبذير المياه
وأوضح رئيس لجنة الفلاحة والأمن المائي والغذائي والصيد البحري بالبرلمان، صلاح الفرشيشي، في تصريحات لموقع سكاي نيوز عربية، أن الامن المائي هو الهدف الأساسي لسياسات البلاد في المرحلة الحالية حيث تركز كل الإجراءات على تثمين الموارد الجوفية للمياه وإعطاء الأولوية في استغلالها لمياه الشرب والتوقف عن إحداث المزيد من المناطق الزراعية السقوية ومنع تصدير الفواكه المستهلكة للمياه، مثل البرتقال والبطيخ وغيرها، والتشجيع على نمط بناء يراعي وجود شبكة لتحصيل المياه المتجددة في الأسطح.
وأكد الفرشيشي أن كل القرارات والتشريعات التي ستنظم استغلال الموارد المائية في البلاد مضمنة ضمن مجلة المياه الجديدة التي سيصادق عليها البرلمان خلال أيام لترى النور بعد شهر من المصادقة.
ويشار إلى أن تونس خصصت ضمن ميزانية 2024 اعتمادات بقيمة 656 مليون دينار للاستثمار في قطاع المياه وتوظف في ترشيد الاستهلاك وفي إنجاز محطات تحلية لمياه البحر في محافظات صفاقس وقابس وفي بناء عدد من السدود الجديدة للاستفادة من مياه الأمطار إلى جانب تطوير تقنيات معالجة المياه المستعملة وتنفيذ برنامج تحويل فائض المياه من شمال البلاد إلى مدن الوسط التي تشهد أكثر انقطاعات في التزود بالمياه.
وتأتي هذه المشاريع بهدف تفادي النقص الحاصل في مخزون مياه السدود الذي تراجع إلى مستوى 553 مليون متر مكعب وفي معدل استهلاك الفرد الواحد من المياه البالغ 420 متر مكعب سنويا أي تحت معدل خط فقر المائي.
أمطار لم تحل الأزمة
ورغم تهاطل الأمطار بعدد من مناطق البلاد خلال شهري ديسمبر المنقضي ويناير الجاري يعتبر الخبراء أن التساقطات المسجلة لا تحل بعد أزمة نقص المياه في تونس.
وتؤكد الخبيرة في الموارد والسياسات المائية والتأقلم مع التغيرات المناخية روضة القفراج، في تصريحات للموقع، أن البلاد في مرحلة خطيرة وانتقالية بسبب تواصل التغيرات المناخية المنبئة بسنوات من الجفاف بسبب ارتفاع درجات الحرارة التي سمحت بتبخر المياه.
ودعت قفراج إلى عدم استعمال مياه السدود التي مازالت نسبة امتلائها في حدود 27 بالمائة رغم الأمطار الأخيرة والمحافظة على المياه الحاصلة داخلها واللجوء إلى تطوير معالجة المياه المستعملة.
وقالت الخبيرة إن تونس مطالبة بإعلان حالة الجفاف كارثة طبيعية حتى تتمكن من بالاستفادة مما سيقدمه صندوق المخاطر لمساعدة أكثر البلدان المتضررة من التغيرات المناخية الذي أعلن عنه في قمة المناخ كوب 28.
مورد ثمين مقابل غذاء ضعيف
من جهته علق المهندس المختص في الموارد المائية محمد صالح قليد أن تنظيم استغلال موارد والسطحية والملك العام للمياه خطوة هامة للحد من إهدار المياه خاصة في ظل وجود 26 ألف بئر عشوائية تستنزف المياه الجوفية ونمط زراعي مستهلك للمياه مقابل إنتاج غذائي لا يضاهي درجة استنزاف المورد الثمين أو زراعات تصديرية يمكن الاستغناء عنها.
وأكد قليد على ضرورة توجيه الموارد المائية للشرب وللإنتاج الزراعي الذي يضمن الأمن الغذائي ويحافظ على المياه للأجيال القادمة.