حرية – (8/6/2022)
تجري فيها نقاشات مثمرة حول مختلف المواضيع وهموم البلد ومشكلاته
جذبت المقاهي التراثية التي تنتشر في العاصمة العراقية بغداد، مئات الشباب، حيث تميزت بعراقتها التاريخية وموقعها الجغرافي إضافة إلى تصاميمها التي تحوي تراثاً بغدادياً عريقاً فضلاً عن روادها.
قيمتها التراثية
وتتميز المقاهي التراثية في بغداد بإقامة نشاطات وجلسات للأدباء والشعراء والكتاب والمثقفين وأحد الأماكن السياحية للضيوف العرب والأجانب الذين يأتون إلى زيارة العاصمة العراقية. ولا تزال تلك المقاهي تحافظ على قيمتها التراثية معبرةً عن الأصالة. ويرجع تاريخ وجود المقاهي في بغداد إلى القرن الخامس عشر.
ويقول سامي أحمد، أحد رواد مقهى الشابندر العريق الذي يعود تاريخ تأسيسه إلى أكثر من مئة عام، إن “المقاهي التراثية تتميز بتنوع روادها وزوارها على مدى اليوم، حيث تجد الشاعر والكاتب والطبيب والمهندس وجميع فئات المجتمع العراقي، كلهم في مكان واحد”، مؤكداً أنها أيضاً “تتميز بالأصالة البغدادية والتاريخ العريق وتحمل الذكريات والأحداث التي مرت على العراق”. ويضيف أن “المقاهي التراثية بدأت خلال السنوات الماضية بجذب الشباب إليها على الرغم من أنها في بعض الأوقات اقتصرت على كبار السن، حيث تتلاقح الأفكار وتتبادل الأحاديث حول هموم البلد ومشكلاته الاجتماعية والاقتصادية وغيرها”.
وأكد أنه يفضل “الذهاب إلى المقاهي التراثية التي تتميز بتنوع روادها، على الذهاب إلى مقهى شبابي يضيع فيها وقتي من دون لقاء بشاعر أو كاتب أو مثقف وغيرهم، لأن أغلبهم لا يوجدون إلا في المقاهي التراثية بخاصة أنها قريبة من شوارع رئيسة، كشارعي الرشيد والمتنبي”.
معرض مفتوح
في السياق، يشير الباحث العراقي علاء وليد إلى أن “زائر المقاهي البغدادية القديمة والتراثية لا يشرب الماء والشاي أو القهوة فقط، إنما يمر عبر معرض مفتوح لتاريخ المقهى ورواده والصور التي تزين جدرانه، إضافة إلى تاريخ العراق عبر حقب مختلفة”.
وأكد أن “المقاهي البغدادية جذبت كثيراً من الشباب في السنوات القليلة الماضية بسبب استقرار الأوضاع الأمنية وإقامة الندوات والنشاطات الأدبية والفنية وحفلات تواقيع لكتب، إضافة إلى تميزها عن المقاهي الموجودة في الوقت الحالي في المناطق الشعبية الأخرى وما تحمله من بعد لا يمت بصلة إلى تاريخ وعراقة بلاد الرافدين”.
في الأثناء، وصف الكاتب أحمد نبيل المقاهي التراثية بـ”عبق التاريخ”، مشيراً إلى مكانتها في قلوب العراقيين جميعاً. وأضاف أن “المقاهي التراثية جذبت بشكل كبير الشباب المتعطش إلى المعرفة وتبادل الآراء والأفكار مع النخبة المثقفة التي توجد هناك، حيث تنتج نقاشات مثمرة في شتى المجالات الأدبية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية وحتى الرياضية والفنية”.
تأريخ مقاهي بغداد القديمة
ويبين الكاتب زين النقشبندي في كتابه “تأريخ مقاهي بغداد القديمة” الصادر عام 2013 من وزارة الثقافة، ضمن مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية، في مقدمته، أن “بغداد عرفت المقاهي في العهد العثماني، إذ كان في كل محلة من محلاتها مقهى واحد أو أكثر حسب عدد السكان”. وإن “أقدم الإشارات التي وصلتنا ما ذكره مرتضى نظمي زادة عن اسم أقدم مقهى في بغداد كان قائماً حتى مطلع القرن الحالي يعود إلى سنة 999ه – 1590م، إذ شيد جغالزادة سنان باشا، الذي كان والياً آنذاك على بغداد، خاناً ومقهى مجاوراً له وسوقاً شهيرة. وهذا أول مقهى ذكر بناؤه في بغداد”.
يشار إلى أن بغداد تزخر بعديد من المقاهي التراثية أبرزها الشابندر وحسن عجمي والزهاوي وأم كلثوم وبيروتي، إضافة إلى عديد من المقاهي التي اندثرت بسبب الإهمال أو موت أصحابها ومنها مقهى البرازيلي.