حرية – (30/7/2022)
طلب مجدداً المغفرة مع “الخجل والألم على الشر الذي ارتكبه مسيحيون كثر إزاء السكان الأصليين”
انتقد البابا فرنسيس “الاستعمار الأيديولوجي”، في كيبيك، المحطة الثانية من زيارته إلى كندا، وطلب مرة أخرى “المغفرة” أمام السلطات التي دعته إلى اتخاذ إجراءات ملموسة للمصالحة مع السكان الأصليين.
وقال البابا خلال كلمة ألقاها أمام السلطات المدنية وممثلي السكان الأصليين والسلك الدبلوماسي في قلعة كيبيك، “حتى اليوم والاستعمار الإيديولوجي الذي يعارض واقع الوجود يخنق التصاق الشعوب الطبيعي بالقيم، ويحاول بتر جذور هذه الشعوب وتاريخها وروابطها الدينية”.
وقبل ذلك بدقائق قليلة استقبل البابا اليسوعي الأرجنتيني بمراسم عسكرية في القلعة البريطانية الواقعة على ضفاف نهر سان لوران.
وتحدث لفترة وجيزة مع الحاكمة العامة ماري سيمون التي تمثل الملكة إليزابيث الثانية في البلاد وكانت أول شخص من شعب الإنويت (إسكيمو) يشغل المنصب، ثم مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو.
وعلى طول الطريق من المطار إلى القلعة تجمع مئات الأشخاص خلف حواجز حاملين هواتف ذكية في أيديهم لرؤية البابا على متن سيارته البيضاء، ورفع بعضهم لافتات ترحيب أو أعلام الأرجنتين أو الفاتيكان.
“خجل وألم”
وفي ألبرتا غرباً كرست المرحلة الأولى من الرحلة البابوية إلى حد كبير للاعتذارات التي قدمها البابا، الإثنين، إلى السكان الأصليين (الأمم الأولى والميتيس والإنويت) لإرغام 150 ألف طفل بين نهاية القرن الـ 19 وتسعينات القرن الماضي على الالتحاق بـ 130 مدرسة داخلية تدير معظمها الكنيسة الكاثوليكية.
وعانى كثير من هؤلاء الأطفال من اعتداءات جسدية أو جنسية، ولم يعد الآلاف منهم أبداً، إذ وقعوا ضحايا أمراض أو سوء تغذية أو إهمال.
وأمام السلطات، الأربعاء، ندد البابا فرنسيس مرة أخرى بـ “سياسات الاستيعاب وبتر الجذور التي ألحقت الضرر بكثير من عائلات السكان الأصليين”، مجدداً “طلب المغفرة” مع “الخجل والألم على الشر الذي ارتكبه مسيحيون كثر إزاء السكان الأصليين”.
“خطوة أولى”
وقال رئيس الوزراء الكندي، “من مسؤوليتنا أن ننظر إلى خلافاتنا ليس كعقبة ولكن كفرصة للتعلم وفهم بعضنا بشكل أفضل واتخاذ الإجراءات”.
ثم شددت ماري سيمون على اتخاذ إجراءات لمتابعة الاعتذارات البابوية، قائلة إنها “تتطلع إلى معرفة الإجراءات التي ستتخذها الكنيسة لمواصلة هذا العمل الأساس”.
ووصف البابا نفسه الاعتذار بـ “الخطوة الأولى في عملية الشفاء”.
وفي سياق دعوته لمناهضة الأسلحة التي يواصل التشديد عليها منذ بداية الحرب في أوكرانيا، حذر أيضاً من “سباق التسلح واستراتيجيات الردع”، ملوحاً بشبح “حروب باردة موسعة ومخيفة”.
كما انتقد “ثقافة الإلغاء” التي اعتبرها “أسلوباً ثقافياً يوحد المعايير ويجعل كل شيء متساوياً، ولا يتسامح مع الاختلافات”، على حساب “الأكثر هشاشة: الفقراء والمهاجرون وكبار السن والمرضى والأجنة”.
برنامج الزيارة
وصباح الخميس يترأس البابا قداساً في مزار القديسة آن دي بوبري الوطني، أقدم مكان للحج في أميركا الشمالية والذي يستقبل مليون زائر كل عام.
ويتوقع توافد آلاف المؤمنين إلى هذه المقاطعة الناطقة بالفرنسية والتي تضم أكبر عدد من الكاثوليك في كندا، على الرغم من إقبال أقل مما توقعه المنظمون منذ بداية الزيارة.
وبعد الظهر يلقي البابا عظة في كاتدرائية نوتردام دو كيبيك بحضور ممثلين دينيين.
والجمعة، في المحطة الأخيرة من رحلته التي تستغرق ستة أيام، سيتوقف البابا لبضع ساعات في إيكالويت (نونافوت)، في أرخبيل القطب الشمالي.
وبدا البابا البالغ 85 عاماً ضعيفاً منذ بداية الرحلة، ويتنقل على كرسي متحرك بسبب آلام في الركبة، والبابا فرنسيس هو ثاني حبر أعظم يزور كندا بعد يوحنا بولس الثاني الذي ذهب إلى هناك ثلاث مرات خلال أعوام 1984 و1987 و2002.