حرية – (30/7/2022)
مع التحول إلى الملابس الخفيفة والكاشفة بسبب الحرارة والمهرجانات المتواصلة، يسهل الوقوع في فخ انتقاد النفس بشدة ولا بأس في ذلك
نحيلة، بدينة، ممتلئة. اخسري بعض الوزن. أحبي نفسك! انقصي وزنك من أجل الصيف. لا تقولي أشياء سلبية عن جسمك. أحبي الجسد الذي تمتلكين. شكلك لا يحدد من أنت. عشر خطوات للحصول على جسد مثالي لملابس البحر! الجسد المناسب للبكيني هو أي جسد يرتدي البكيني.
يترافق وجود المرء في جسد (بخاصة كامرأة ذات جسد) مع وابل لا نهاية له من المعلومات حول ما يجب وما لا يجب علينا فعله. كيف يجب أن يكون شكلنا، كيف يجب أن نفكر، كيف يجب أن نشعر. تحدد تيارات الموضة أشكال وأحجام الجسد المرغوبة والمرفوضة، لكن الرواية التي تظل سائدة دائماً هي أنه إذا كنت لا تظهرين بطريقة معينة، فإن مظهرك ليس مقبولاً.
لا أعرف كيف هي الحال بالنسبة لكم، لكن بعد الخروج من الوباء يبدو لي كل شيء أسوأ من أي وقت مضى. بعد عامين من الانغلاق على أنفسنا، ومحدودية حركتنا اليومية واعتمادنا على الملابس المريحة، يبدو أن أثر الجائحة كان مدوياً على الصورة الجمعية التي نرى بها أجسامنا. بغض النظر عن مظهرنا، تبدو أجسادنا حاضرة بقوة، بعد إقحامها مرة أخرى في سراويل الجينز، وإجبارها على التعرق في زحام قطارات الأنفاق، حيث يراها ويقيمها أشخاص آخرون غيرنا.
وفي حين أن تناول وجبة الآن يعني احتساب السعرات الحرارية المدرجة إلى جانبها في قوائم المطاعم، فإن تصفحاً سريعاً لوسائل التواصل الاجتماعي يسلط الضوء على وحش آخر هو حركة “حيادية الجسم” Body Neutrality Movement. تغص وسائل التواصل الاجتماعي بالتذكيرات الصارمة بأن نترك أجسادنا وشأنها. أن نحبها بشكل لا لبس فيه! ألا نشعر بسلبية تجاهها في بعض الأيام! أو ما هو أسوأ من ذلك حتى بمعنى ألا نفكر أبداً في أجسادنا. أن نقلع ببساطة عن ثقافة الحميات الغذائية المستمرة لسنوات كي نركز على وجودنا في الجسد الذي نمتلكه، من دون حب، ولا كراهية، ولا اعتراضات.
على كل حال، أجد أن تلك المحادثات العميقة مع الأصدقاء والدردشات العابرة مع المعارف تجعل الأشخاص يتحدثون عن قلقهم تجاه أجسادهم أكثر من أي وقت مضى، على ما يبدو.
التقطت صورة سيلفي بعد التمرين الأسبوع الماضي لتوثيق اللحظة لأنها كانت حقاً المرة الأولى التي لا أشعر فيها بالفعل بكراهية تجاه جسدي منذ فترة لا أعرف طولها بالضبط. أنا أعمل في مجال الطعام، وهي وظيفة لا تساعدني على أن أكون نحيلة، لكن النحافة شيء كنت أسعى إليه طوال معظم حياتي بعد بلوغي سن الرشد. لقد عانيت اضطراب تناول الطعام [بوليميا] في فترات متقطعة طوال وخلال المرحلة الجامعية، وفي حين أن العلاج الفاعل يعني أنني لم أعانِ من الاضطراب منذ ذلك الحين، إلا أن الأفكار التي سمحت لهذا الجانب في نفسي بالتفاقم والتطور لم تختفِ أبداً.
قد تصرخ حركات “إيجابية الجسم” و”حياد الجسم” وتصيح بأن علي عدم كره جسدي، لكن الصراع طيلة سنوات عديدة للوصول إلى مقاس لن أكونه أبداً علمني أن علاقتي بجسدي تأخذ شكل المد والجزر. في بعض الأحيان، أحب نفسي. أنظر في المرآة وأفتن بما أراه. في أوقات أخرى، أكره الصورة المعكوسة، وأمسك بالثنايا والطبقات في جسدي كما لو أنها ستختفي تماماً إذا شددتها بقوة كافية. قليلة هي الأيام التي تكون فيها أحاسيسي في الوسط، التي أشعر بها بذلك “الحياد” المخادع.
لقد أحرزت تقدماً. إذ أنني أمارس الرياضة لأنها تشعرني بالسعادة وليس لحساب عدد السعرات الحرارية التي تحرقها. أحاول أن أسمح لنفسي بالاستمتاع بلا خجل بالامتيازات التي تقدمها وظيفتي من دون الاستغناء عن إحدى الوجبات لتعويض أخرى. لكن الأسبوع الماضي، كان سروالي الجينز ضيقاً للغاية لدرجة أنني لم أتمكن من ارتدائه. اشتريت ثلاثة سراويل جديدة ولم يكن أي منهم مناسباً أيضاً. كان الأمر أشبه بِنَكءِ جرح قديم وتركه ينزف.
وفي يوم آخر، ذهبت إلى صالة الألعاب الرياضية وتمكنت من رفع وزن أثقل مما أفعله في العادة. أكملت مجموعة تمارين مدتها 30 ثانية التي عادة ما تجعلني ألهث بعد عشر ثوان. ذكرني هذا بأن صورة الجسد تصعد وتهبط لكن ما يهم هو الشعور بالقوة والإحساس باللياقة البدنية، وأن أعامل جسدي بحب، حتى لو كان الانتقاد اللاذع يملأ عقلي.
العمل في مجال الطعام يجعل تناوله بشكل تلقائي من أهم الأشياء في حياتي، ومن السخف أن أتظاهر، كامرأة في العشرينات من عمري، بأنني لا أعيش صراعاً مستمراً بين الشيء الذي يدفعني ويثيرني، وبين الجانب في نفسي الذي يجعلني أعتقد أنني يجب أن أحاول التجريب والاستكشاف بأقل حد ممكن. تطلب منا حركة “حيادية الجسم” تقبل أجسادنا طوال الوقت، وبصفتي شخصاً يعمل في وظيفة هي بأكملها النقيض المباشر للنحافة، أشعر أنه من المهم بشكل خاص عدم التظاهر بأنه يمكننا تحقيق ذلك على الدوام.
علينا أن نعيش في أجسادنا، وأن ننظر إليها في المرآة، ونجد الملابس التي نحب أن نرتديها ونتحرك فيها، وأن نستوعب كل منحنياتها. التظاهر بأن هذا فعل مبهج طوال الوقت، خصوصاً في مواجهة عالم يملي علينا كيف يجب أن يبدو مظهرنا، هو مسعى مستحيل.
مع ارتفاع درجات الحرارة، وموسم المهرجانات المستمر وقيامنا بالتخفيف من ملابسنا كأنها أوراق الخريف المتساقطة، قد يكون من السهل جداً الانزلاق إلى أن نكون أشد منتقدي أنفسنا، وأعتقد أنه لا بأس في ذلك. إنه أمر عادي، إنه طبيعي! لكن من المهم بنفس القدر إخبار هذا الصوت بأننا لا نعيره اهتماماً، وأن نرتدي الشورتات القصيرة والبلوزات الكاشفة والضيقة. ليس من الضروري أن يكون ذلك تحت مسمى الإيجابية أو الحيادية أو الحب غير المشروط. كل ما يتوجب علينا هو مجرد فعل ذلك.