حرية – (18/9/2022)
تصاعدت حدة الصراع بين الفصائل المسلحة في العراق، على الموارد المالية في هيئة الحشد الشعبي، إذ تسعى أغلب المجموعات إلى الانضمام إلى المؤسسة الرسمية أو تثبيت أعضائها على الملاكات الأمنية الأخرى، بهدف الحصول على المرتبات المالية، والمخصصات من الآليات العسكرية، وتعزيز سطوتها.
وعلى رغم انضواء أغلب تلك المجموعات في هيئة الحشد الشعبي، إلا أن هناك الكثير منها لا يزال يكافح من أجل الحصول على بطاقة التأهل لدخول نادي الفصائل الـ (VIP)، وسط حالة من الفوضى تنشرها تلك المجموعات، لإثبات الحاجة إليها في مختلف القواطع، ولإثبات كذلك أحقيتها بالانضمام إلى هيئة الحشد.
ويجري صراع خفي داخل هيئة الحشد الشعبي بين الفصائل المسلحة التي حجزت مكانها داخل الهيئة، وتلك التي تسعى إلى الانضمام، إذ ترفض الفصائل القديمة إدخال أي مجموعات جديدة، للهيئة، منعاً لمزاحمتها على الموارد والمخصصات وقواطع المسؤولية.
وفجرت التسريبات الأخيرة التي نشرها المدون العراقي المقيم في الولايات المتحدة، علي فاضل، جانباً من هذا الصراع، إذ تبين أن ألوية غير رسمية، مثل لواء «أئمة البقيع» يمارس عمليات «إرهابية» بحق الجيش العراقي، لزعزعة أوضاع محافظة ديالى، وإثبات الحاجة إلى قوته، وبالتالي ضمّه إلى هيئة الحشد الشعبي.
وقال منتسب يعمل في لواء «أئمة البقيع» الذي ينتشر في محافظة ديالى، إنه «لم ينفذ أوامر صدرت من قائد اللواء سعد طعيس، باستهداف نقطة عسكرية تابعة للجيش العراقي، وعندما أخبره هذا المنتسب بأن الإحداثية المُراد استهدافها تتبع للجيش، أصرّ قائد اللواء على تنفيذ العملية، ولم أنفذ هذا القصف، وتركت العمل لدى هذا اللواء وهربت».
وفصيل «أئمة البقيع» ينتشر في محافظة ديالى، وتأسس بعد سنوات على دخول تنظيم داعش إلى المحافظات العراقية، ولديه ارتباطات مع جهات سياسية، لكنه لم يتمكن من الدخول ضمن هيئة الحشد الشعبي الرسمية، للحصول على رواتب لعناصره، وسيارات وغير ذلك.
ابتزاز وخطف
المنتسب الذي يتحدث في تسجيل ويدعى (كريم صالح كريم)، أشار إلى «تورط بعض الضباط بقيادة اللواء علي فاضل عمران قائد عمليات ديالى، أحد أذرع رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي» فيما يقوم به اللواء.
وأضاف أن «الهدف من استهداف نقاط الجيش العراقي، هو إثبات أن الجيش غير قادر على مسك زمام الأمور في تلك المناطق، وكذلك للإيحاء بحاجة المنطقة إلى قوات إضافية لتعزيز أمنها»، لافتا إلى «تفجير انتحاري حصل يوم العاشر من محرم، حيث وجدوا شخصاً مختلاً عقلياً، في منطقة المقدادية، واصطحبوه معهم إلى مقر اللواء، ومنحوه حبوباً منوّمة، ثم بعد ذلك ألبسوه حزاماً ناسفاً، وأوصلوه قرب السيطرة الأمنية، وأعطوه سلاحاً، حيث قتله عناصر الجيش، عندما رأوه مسلحاً».
وأفاد المنتسب بأن «لواء أئمة البقيع يمارس عمليات الخطف والابتزاز، إذ خطف شقيق إحدى النائبات في البرلمان العراقي، التي أعطتهم مبالغ مالية ضخمة تُقدر بـ (100 ألف دولار)، للإفراج عنه»، فيما سرد قضية أخرى تتعلق بثلاثة أشخاص قاموا بجلبهم من بغداد وهم موجودون داخل مقر اللواء «لغرض تفجيرهم في القطعات المنتشرة بالمنطقة».
كما تحدث عن «سيطرة المياح» التي يتمركز فيها الفوجان الأول والثاني من اللواء، وهي سيطرة موجودة بعلم السيد طالب وقائد عمليات ديالى وقائد الفرقة الأولى والأمن الوطني وكل الأجهزة الأمنية في ديالى.
هذه التسجيلات أثارت ضجة واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، عبر سيل من تعليقات النشطاء والمدونين الناقدة لتلك الممارسات، خاصة وأنها تصدر من جهات تدّعي المقاومة وحماية العراق، لكنها تعمد إلى الخطف والابتزاز، واستخدام المختلين عقلياً، لتحقق مآربها الخبيثة.
وطالب نشطاء، القضاء العراقي والادعاء العام بتحريك شكوى سريعة، بحق قائد لواء «أئمة البقيع» سعد طعيس، والتحقيق في صحة تلك التسجيلات، خاصة وأنها ذكرت معلومات دقيقة عن الأشخاص المشاركين وتحركاتهم والممارسات التي يقومون بها، ما أعطاها جانباً كبيراً من المصداقية.
ضربة للأمن القومي العراقي
ويرى العميد المتقاعد حميد العبيدي، أن «التحقيقات يجب أن تبدأ بشكل سريع، وفاعل، بشكل هذا التسجيل، الذي كشف معلومات خطيرة، تمس الأمن القومي العراقي، والأخطر أنها تجري تحت عين السلطات الرسمية، أو تواطئها، ما يشكل ألف علامة استفهام حول هذا الأمر، ما يستدعي محاسبة كل من تورط فيها، أو علم دون إبلاغ الجهات المعنية بذلك».
وأضاف العبيدي في تصريح لـ (باسنيوز)، أن «الممارسات التي تقوم بها تلك الفصائل لا تقل خطوره عن تنظيم داعش الذي قتل المواطنين الأبرياء وكذلك القوات الأمنية، لكننا الآن نجد أن الجهات التحقيقية تغض الطرف عن تلك الأفعال الإجرامية، وهذا غير معقول»، مشيراً إلى «ضرورة تدخل القيادة العامة للقوات المسلحة، ومعرفة طبيعة تلك الممارسات، وإنهائها، وإحالة المتورطين بها إلى القضاء».
وتحدث المنتسب عن «تورط ضباط من قيادة عمليات ديالى، مع قائد لواء «أئمة البقيع» سعد طعيس، وعلى رأسهم الـ(كنك) علي فاضل عمران، قائد عمليات ديالى، الذي يعد المحامي الأول والأخير، لتلك المجموعات».
وقال المنتسب كريم صالح، إن «هناك ضابطا يدعى رائد يوسف، من قيادة عمليات ديالى، وقد أصدر أمراً بتنظيم عملية الدخول والخروج بالنسبة لعجلات فصيل لواء «أئمة البقيع)، وفرض إجراءات مشددة، لكن قيادة هذا الفصيل منعت الاحتكاك به، لكننا تفاجأنا بنقله بعد عدة ساعات إلى شمال العراق، في قاطع القيارة بمحافظة نينوى».
وأضاف أن «هناك مزورا من الدرجة الأولى، يقوم بتزوير الكتب والمراسلات، ويوحي بأنها صادرة من جهات عليا، مثل قيادة العمليات المشتركة، وهو ما يوقع تلك الجهات في حرج».