حرية – (24/8/2021)
أطلقت الحكومة العراقية، برئاسة مصطفى الكاظمي، خطة للإصلاح الاقتصادي وتنويع الإيرادات لتحقيق التنمية المستدامة للبلاد. وترغب الحكومة في إعادة اقتصاد العراق إلى قوته بعد أن تعرض إلى انهيار كبير منذ 2003.
وعانى العراق خلال السنوات الماضية من أزمة أمنية ومالية خانقة بسبب تراجع إيرادات النفط. ما أثر في الوضع الاقتصادي للبلد المعتمد على إيرادات النفط.
وأطلقت الحكومة العراقية العام الماضي “الورقة البيضاء الإصلاحية“، في محاولة لتعظيم الإيرادات المالية غير النفطية. ويقول الدكتور مظهر محمد صالح، المستشار المالي لرئيس مجلس الوزراء العراقي لـ”اندبندنت عربية”، “لقد تصدى مجلس النواب لمحاور أساسية من قانون الموازنة 2021 التي تضمّنتها الورقة البيضاء، ولا سيما في مجال الإصلاح المالي، ولم تستطع الورقة سوى تحقيق التكييف النقدي الذي اعتمد تعديل قيمة الدينار أو سعر صرفه لمصلحة موارد الموازنة. ولم يحقق الإصلاح المالي نتائج ملموسة، لا سيما في تعظيم الإيرادات المالية غير النفطية بغية التنويع المالي وتعزيز الاستدامة المالية”.
ويعتقد صالح أن “الورقة البيضاء تبقى من الناحية النظرية أشبه بالدستور الاقتصادي لإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني وإصلاحه وفق رؤية تنموية، وتفتقر الورقة البيضاء إلى حزمة سياساتية واضحة قابلة للتطبيق في مواعيد محددة على مدى السنوات الخمس أو العشر المقبلة وبمرحلتين”.
ويضيف، “يجب أن تنسجم الورقة البيضاء مع برنامج وطني للتنمية المستدامة الطويلة الأجل، كي تكون جزءاً لا يتجزأ من ذلك البرنامج، مع توافر سياسات اقتصادية واجتماعية واضحة المعالم، شريطة إصدارها في قانون يمنح السلطة التنفيذية المرونة الكافية لتطبيق الإصلاحات في إطار ذلك البرنامج الإنمائي الوطني، وبحزم تنفيذ متناسقة زمنياً”.
ويعتبر أن “هذا ما يمكن أن تعمل به السلطة التشريعية المقبلة في ضوء نتائج الانتخابات التشريعية في 10 أكتوبر (تشرين الأول) 2021. وأهمية إيجاد رابطة تنفيذية وإجرائية بين سلطتي المال والتخطيط بغية تسيير برنامج السنوات العشر التنموي والإصلاحي”.
ديون العراق
وعن حجم الديون الخارجية للعراق، يجيب صالح بأن “المديونية العراقية ذات نمطين، الأول مديونية خارجية تعود إلى حقبة ما قبل عام 1990، وقدرت عند إقرار اتفاقية نادي باريس 2004 بنحو 128 مليار دولار وجرى شطبها بنسبة تتراوح بين 80 و100 في المئة، ولم يبق منها سوى بضعة مليارات يجري سدادها بموجب قانون الموازنة العامة الاتحادية سنوياً، وهناك ديون سيادية أجنبية وديون أجنبية لدائنين تجاريين”.
ويذكر أن “العراق لم ينغمس في ديون خارجية إلا بعد العامين 2014 – 2017، بسبب الأزمة المزدوجة المالية والأمنية آنذاك، وقد اقترض من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، إضافة إلى إصدار سندات أوروبية لمصلحة العراق بقيمة ملياري دولار، وفي تقديري فإن إجمالي الدين الخارجي الكبير الواجب السداد في السنوات المقبلة لا يتعدى 23 مليار دولار”.
ويرى أنه على الرغم مما تقدم، “هناك ديون لم تجر تسويتها من بقايا اتفاقية نادي باريس، وتخضع لشروط الشطب في الاتفاقية البالغة نسبتها 80 في المئة من قيمة الدين المؤكد والصحيح صعوداً إلى شطبها كليّاً، ولم يطالب بها الدائنون حتى الآن، وهي ما زالت معلقة بشروط اتفاقية نادي باريس كما ذكرنا وتقدر بنحو 41 مليار دولار، وإن أكثر من 60 في المئة من بقايا ذلك الدين تعود إلى أربع دول خليجية”.
ويتابع، “لكون الدين بغيضاً كما يطلق عليه في أدبيات الديون وارتبط بتمويل الحرب العراقية – الإيرانية ولم يذهب إلى التنمية الاقتصادية، فإن النية الصادقة للدائنين تتجه نحو شطبها كلياً وحذفها من الدفاتر المحاسبية”.
أما النمط الثاني من الديون، فهو الدين الداخلي، الذي يلفت صالح إلى أنه “بين وزارة المالية والجهاز المصرفي الحكومي حصراً، وجل ودائع المصارف الحكومية هي ودائع مؤسسات الحكومة نفسها، ويبلغ ذلك الدين الداخلي قرابة 50 مليار دولار، ونسبة 58 في المئة منه هي بحوزة السلطة النقدية، وستتخذ الحكومة مستقبلاً إجراءات لتسوية تلك الديون لكونها داخل الجهاز الحكومي”.
الروابط النفطية
ويكشف مستشار رئيس الوزراء العراقي عن “قوة الروابط النفطية بين العراق والهند والصين، إذ تبلغ صادرات العراق من النفط الخام إلى أسواق آسيا قرابة 65 في المئة من إجمالي صادرات العراق النفطية. لذا، فإن الميزان التجاري العراقي مع هذين البلدين هو الثقل الأكبر في حركة ميزان المدفوعات العراقي”.
ويلفت إلى أن “لشركات المقاولات الهندية في العراق تاريخاً طويلاً في مجال مشاريع الإعمار والبنية التحتية، والصين أيضاً هي الشريك الأقرب في تنفيذ المشاريع التنموية ولا سيما البنى التحتية، وذلك لكون البلدين هذين يملكان قدرات تنافسية عالية في التنفيذ وهما صاحبا تجربة مميزة في الإعمار خلال العقود الثلاثة الماضية، فضلاً عن تقارب ظروف وبيئات العمل إلى حد واسع”.
ويتوقع صالح أن يكون لهذين البلدين دور “في مجال النقل والسكك الحديدية والطرق السريعة والإعمار وشبكات مياه الشرب والمجاري التي يعانيها العراق، إضافة إلى الصحة والتعليم”.
ويختتم صالح كلامه بأن “التوجه نحو الصين والهند يأتي من تجربتهما في إدارة مشاريعهما، وهما بلدان يشكلان ديمغرافياً ما يزيد على ثلث سكان الأرض، كما يأتي التعاون معهما ضمن تطور الروابط الاقتصادية والتجارية والاستثمارية مع عموم بلدان القارة الآسيوية الناهضة، التي تحصد قرابة نصف معدلات النمو الاقتصادي في العالم وتعيش عصراً تكنولوجياً متقدماً”.