حرية – (20/12/2022)
كلفت الأمم المتحدة الثلاثاء، 20 ديسمبر (كانون الأول)، ثلاث نساء هن محامية بنغلاديشية وأستاذة حقوق باكستانية وناشطة أرجنتينية في الدفاع عن حقوق الإنسان، التحقيق في القمع العنيف للتظاهرات التي تشهدها إيران دعما لحقوق المرأة فيها.
استمرار التظاهرات
يأتي ذلك في وقت تتواصل الاحتجاجات في عدد من المناطق الإيرانية ليل الاثنين – الثلاثاء، حيث انطلقت تظاهرات في عدد من المدن الإيرانية مرددة شعارات مناهضة للنظام، وأفيد بأن محتجين أحرقوا مقراً لـ “الباسيج” وصورة لقاسم سليماني في مدينة قم، كما قتل أربعة من عناصر الأمن في هجوم جنوب شرقي إيران، بحسب ما أعلنت وكالة “إيرنا”، الإثنين 19 ديسمبر.
وقالت الوكالة “خلال عمل إرهابي قتل أربعة من عناصر قوات الحرس الثوري في منطقة سراوان بمحافظة سيستان وبلوشستان قرب الحدود الباكستانية”، وتعد المنطقة من أفقر مناطق إيران وتسكنها أقلية البلوش العرقية.
وذكرت الوكالة الإيرانية أيضاً أن “الحضور القوي لقوات الأمن أجبر عناصر المجموعة على الفرار باتجاه باكستان”، من دون تقديم مزيد من التفاصيل.
ومنذ وفاة الشابة مهسا أميني تشهد سيستان وبلوشستان تظاهرات منددة بالنظام على غرار مدن أخرى في أنحاء البلاد.
بنغالية وباكستانية وأرجنتينية
وفي ما يخص التحقيق الدولي، أعلن رئيس مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فيديريكو فيليخاس أن اللجنة الثلاثية ستضم المحامية لدى المحكمة العليا في بنغلاديش والناشطة في الدفاع عن حقوق الإنسان سارة حسين، وأستاذة الحقوق في “جامعة وورويك” في المملكة المتحدة الباكستانية شاهين سردار علي.
أما مديرة “مركز العدل والقانون الدولي” الذي يعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان في الأميركيتين الأرجنتينية فيفيانا كرستيشيفيتش فهي العضو الثالث في هذه اللجنة.
وأكد بيان مجلس حقوق الإنسان أن حسين ستترأس لجنة التحقيق.
واحتمالات زيارة المحققات الثلاث إيران في إطار المهمة الموكلة إليهن شبه معدومة، إذ تعارض السلطات الإيرانية بشدة هذا التحقيق الدولي الذي أقره مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ويضم 47 عضواً في الـ 24 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
توثيق القمع
وصوتت 25 دولة عضواً بقيادة ألمانيا وإيسلندا لمصلحة التحقيق، فيما صوتت ضده ست دول هي أرمينيا والصين وكوبا وإريتريا وباكستان وفنزويلا، وامتنعت 16 دولة عن التصويت.
وتقع على عاتق المحققات الثلاث مهمة توثيق القمع الذي تمارسه السلطات الإيرانية وأية انتهاكات لحقوق الإنسان بهدف إطلاق ملاحقات قضائية بحق المرتكبين، سواء في إيران أو في أرجاء أخرى من العالم.
وتشكل الاحتجاجات التي اندلعت في إيران على خلفية وفاة مهسا أميني خلال سبتمبر (أيلول) الماضي بعد توقيفها بتهمة مخالفة قواعد اللباس الصارمة التي تفرضها إيران على النساء، أكبر تحد للجمهورية الإسلامية منذ ثورة العام 1979.
وأعلن القضاء الإيراني أنه أصدر 11 حكما بالإعدام على صلة بالاحتجاجات التي يصفها النظام بأنها “أعمال شغب”، ويتهم “أعداء خارجيين” للجمهورية الإسلامية بالتحريض عليها، خصوصاً الولايات المتحدة وإسرائيل.
وصدرت أحكام الإعدام على خلفية أعمال عنف أوقعت قتلى واستهدفت بخاصة عناصر قوات الأمن.
وبحسب منظمة العفو، وإضافة إلى 11 شخصا صدرت أحكام إعدام في حقهم، وجهت إلى 15 شخصا تهم بارتكاب مخالفات عقوبتها الإعدام.
وتؤكد منظمات حقوقية أن المحاكمات المرتبطة بالاحتجاجات مقتضبة، مبدية قلقها إزاء تعرض معتقلين للتعذيب وانتزاع اعترافات منهم بالقوة.
وحتى الآن نُفذ حكمان بالإعدام شنقاً صدرا في حق محسن شكاري وماجد رضا رهناورد وكلاهما بعمر 23 عاماً، وكانا أول شخصين يحكم عليهما بالإعدام على خلفية الاحتجاجات، علماً أن الأخير شنق على رافعة في مكان عام لا في السجن، مما أثار غضباً عارماً.
وأسفرت حملة قمع الاحتجاجات عن توقيف نحو 14 ألف شخص وفق الأمم المتحدة ومقتل 469 محتجاً وفق منظمة حقوق الإنسان في إيران ومقرها النرويج.
فرهادي يقف إلى جانب عليدوستي
على صعيد آخر، طالب المخرج الإيراني أصغر فرهادي الثلاثاء بالإفراج عن الممثلة الإيرانية ترانه عليدوستي التي أوقفت السبت في إيران على خلفية دعمها للحركة الاحتجاجية التي تهزّ البلد.
وكتب فرهادي في رسالة نشرها الثلاثاء على إنستغرام “أقف إلى جانب ترانه وأطالب بالإفراج عنها وعن الزميلين السينمائيين جعفر بناهي ومحمد رسولوف وكلّ السجناء الآخرين الأقلّ شهرة الذين ذنبهم الوحيد أنهم أرادوا حياة أفضل”.
ترانه عليدوستي هي أشهر شخصية اعتقلت على خلفية الحركة الاحتجاجية التي تشهدها إيران منذ ثلاثة أشهر.
وأوقفت السبت بسبب منشورات داعمة للاحتجاجات تندد خصوصا بإعدام متظاهرين أو تظهر فيها وهي تخلع الحجاب.
وتشتهر عليدوستي (38 عاما) في الخارج بمشاركتها في أفلام حازت جوائز للمخرج أصغر فرهادي، من بينها “البائع” الحائز جائزة أوسكار لأفضل فيلم أجنبي عام 2017. كما أدت البطولة في فيلم سعيد رستايي “إخوة ليلى” الذي عرض هذا العام في مهرجان كان السينمائي.
وكتب فرهادي المكرّم بجائزتي أوسكار إنه “إذا كان الإعراب عن دعم مماثل جريمة، فإن عشرات ملايين الأشخاص في البلد هم مجرمون”.
وكان مشاهير ومدافعون عن حقوق الإنسان قد طالبوا إيران مطلع الأسبوع بالإفراج عن الممثلة والناشطة.
وأعربت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الانسان في تصريح لوكالة فرانس برس عن “القلق العميق” إزاء الاعتقال، مشددة على “وجوب الإفراج فورا عن كل من أوقفوا لتظاهرهم سلميا”.
ونشرت فرقة البوب البريطانية بت شوب بويز التي نددت بـ”الحكومة الفاشية” في إيران، صورة للممثلة وروابط عدة لمقالات عن توقيفها على صفحاتها عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
وكتبت زميلة عليدوستي، غولشيفته فراهاني التي بدأت حياتها المهنية في إيران قبل أن تغادرها وتستقرّ في فرنسا، على إنستغرام “ممثلة إيران الشجاعة اعتقلت”.
وقال مدير مهرجان تورنتو السينمائي في كندا كامرون بايلي “ترانه عليدوستي هي من أكثر الممثلات الموهوبات والمعروفات في إيران. آمل أن يفرج عنها قريبا لتستمر في تجسيد قوة السينما الإيرانية”.
ودان مهرجان كان السينمائي الاثنين “بشدة” اعتقال عليدوستي، داعيا إلى “الإفراج الفوري عنها” ومعربا عن “التضامن مع نضالها السلمي من أجل الحرية وحقوق المرأة”.