حرية – (14/8/2022)
رغم الأعياد والعطل العربية الكثيرة فإن إدمان الإنترنت أصاب كثيرين وبعض المتخصصين يرون أن هذا في صالح التوازن البيئي
في الدول العربية كثير من العطل الرسمية، الدينية منها المسيحية كالميلاد والفصح، والإسلامية كالفطر والأضحى والمولد النبوي، والعيد الفارسي والزرادشتي النوروز الذي يحتفي به الأكراد والفرس والزرادشتيون في أنحاء مختلفة من المشرق العربي.
في المغرب العربي هناك أعياد اليهود بالمملكة المغربية، التي يمارسونها بحرية كذلك في تونس، وهناك الأعياد الأمازيغية، وأهم أعيادهم يوم 12 من يناير (كانون الثاني)، وهو رأس السنة الأمازيغية أي “الناير” وهم في عام 2972 من تقويمهم، ويقال إنه يقام في ذكرى انتصار الملك الأمازيغي “شاشناق” على الفرعون المصري “رمسيس الثاني” في المعركة التي وقعت على ضفاف النيل ﺳﻨﺔ 950 ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ.
ثم في مصر هناك عطلة شم النسيم التي تتوافق مع عطلة الربيع في بلاد الشام، وفي هذه العطل تنتقل بعض العائلات إلى الريف أو تفترش المتنزهات المنتشرة يومياً خلال العطلة للاستمتاع بقدوم الربيع بعد أشهر الشتاء الماطرة والباردة، وفي سوريا ما زال حتى اليوم عيدا الأم والعمال رسميين، وفي العراق يعتبر يوم النوروز جنباً إلى جنب مع يوم عاشوراء عطلة رسمية.
وفي لبنان أعياد أخرى، فهناك عطلات رسمية لأعياد الطوائف الستة الكبيرة، وهناك عدة رؤوس سنة ميلادية بحسب الكاثوليك والأرثوذكس والأرمن والموارنة، وهناك أعياد الدولة عيد الجيش والتحرير والشهداء والاستقلال وإعلان لبنان الكبير والعمال وعيد انتقال السيدة العذراء، وغيرها من الأعياد التي تقفل فيها الإدارات الرسمية، ويمكن وصف لبنان ببلد العطلات الرسمية بامتياز.
وفي الخليج نجد أن الأعياد الإضافية هي العيد الوطني أو عيد تأسيس الدولة على نحو ما تحتفل بهما السعودية والإمارات، ويضاف إليها في الكويت عيد التحرير (طرد الجيش العراقي الصدامي من الكويت عام 1990). وفي سلطنة عمان تحتفي إضافة إلى الأعياد المذكورة بعيدي الإسراء والمعراج ويوم النهضة الوطنية.
الشعوب العربية والطبيعة
يمكن تقسيم علاقة الشعوب العربية بالطبيعة إلى أقسام كثيرة يلعب فيها التاريخ والجغرافيا والديموغرافيا والتوزيع السكاني وعدد الغابات والمحميات والوضع الاقتصادي دوراً مهماً، فمثلاً قبل خمسينيات الثورات العسكرية في العالم العربي بدءاً من مصر ثم سوريا ثم العراق وليبيا وتونس والجزائر والسودان، غيرت هذه الثورات العسكرية من طبيعة المجتمعات المدنية والريفية في بلدانها.
في القاهرة أسهم النزوح الكثيف من الأرياف إلى المدن في تعطل العمل الزراعي، وقد اشتهرت البيوت فوق السطوح في الأفلام المصرية في تلك الفترة حيث يسكنها شباب قدموا من القرى أملاً في تحقيق أحلامهم، وهذا الأمر وعلى نفس الوتيرة تكرر في العراق وسوريا، ما أدى إلى ترييف المدن سكناً وثقافة وعمراناً، وإلى اختفاء المساحات غير المبنية فيها تحت وطأة العمران العشوائي، فباتت عطل الربيع المدينية مجرد كليشيهات لمن لا يتمكنون من العودة إلى الريف لقضاء عطلاتهم.
وفي كل الأحوال بات الانتقال إلى الطبيعة، ومنذ عدة عقود للتواصل معها مباشرة وليس عبر الصورة المبثوثة أمراً عالمياً، وأنشئت ملايين الشركات السياحية من أجله، وكان السفر السياحي في العالم العربي قبل عامي جائحة كورونا مصدراً كبيراً للدخل المحلي في أكثر من دولة عربية وعلى رأسها مصر وتونس ولبنان والإمارات وسلطنة عمان في منطقة صلصالة المعروفة عالمياً، والسعودية في جميع أنحائها بعد إصدار تأشيرة السياحة وفتح معظم المواقع الأثرية أمام السياح القادمين من الخارج.
الأمم المتحدة وأعيادها
في زيارة إلى موقع الأمم المتحدة في قسم “المناسبات الأممية”، فإن أهم أعيادها الإنسانية هي تلك التي تعنى بالعلاقات الثقافية والتراثية بين البشر من جهة، وبينهم وبين الطبيعة من أخرى، لعل أبرزها بحسب روزنامة الأمم المتحدة، اليوم العالمي للطيور المهاجرة في 8 أكتوبر (تشرين الثاني)، واليوم الدولي لنقاوة الهواء من أجل سماء زرقاء في 7 سبتمبر (أيلول)، واليوم الدولي لليوغا في 21 يونيو (حزيران)، واليوم الدولي للاحتفال بالانقلاب الشمسي في 21 يونيو واليوم العالمي للمحيطات في 8 يونيو، وهذا غيض من فيض الأعياد الأممية التي تربط بين المجتمعات الإنسانية والطبيعية بطريقة أو بأخرى.
علوم النفس والطبيعة في مواجهة العالم الافتراضي
علوم النفس الكثيرة والآخذة في التطور بشكل مذهل، وعلوم الاجتماع والمتفرعات عنها، ثم العلوم الجديدة التي نشأت بعد تجذر شبكة الإنترنت في حياتنا اليومية، أغلبها يرصد المخاطر التي تشكلها شبكة الإنترنت على الحياة الاجتماعية والإنسانية وستؤدي بالتدريج إلى فساد العلاقة بين البشر والطبيعة حول العالم، وأصحاب هذه الأفكار هم الأكثر تشاؤماً.
وتدعو الأبحاث الأشخاص والعائلات التي تعيش حياة افتراضية إلى التمتع بما هو حولها من جمال الطبيعة والهواء النظيف حيث وجد، في البراري أو المنتجعات الجبلية أو قرب السواحل عند المحيطات التي تبث الأوكسجين إلى العالم، وهناك مئات الدراسات وآلاف التقارير التي تفيد جميعها أنه لا دواء لأمراض القلق والتوتر والاكتئاب المسيطرين بين البشر إلا بالتمتع بالطبيعة في الإجازات والعطل ووقت الفراغ للخروج من صخب المدن إلى القرى والبلدات والشواطئ والمحميات الطبيعية والمتنزهات والحدائق العامة، فهذا النوع من التواصل مع الطبيعة والواقع سيفيد كثيراً في خلق التوازن مع العالم الافتراضي.
ويرى فريق من الوسطيين المتحمسين والعاملين في عوالم الذكاء الاصطناعي أن الأخير مفيد لتطور البشرية والتقدم خطوة نحو الأمام والانتقال إلى مرحلة جديدة من المعرفة، ستمكن الإنسان من تحقيق المستحيل من أجل بقائه، وذلك عبر استخدام العلوم الحديثة والتقنيات المتقدمة، ومنها شبكة الإنترنت التي طورت العلوم والمعارف في عقدين من السنوات أكثر بأضعاف كل التطور البشري السابق عليها.
ويدافع هؤلاء عن الطبيعة بدورهم، ويقولون إن العلوم التي تقدمها شبكة الإنترنت يمكنها أن تسهم في إنقاذ الطبيعة عبر نشر الوعي. أما الأكثر تشدداً من هؤلاء العلماء المدافعين عن شبكة الإنترنت وعالمها فيرون أن تحويل البشر إلى كائنات افتراضية أكثر من مفيد للطبيعة، إذ يتركونها وشأنها، ويستندون إلى الأرقام والإحصاءات التي نشرت خلال عامين من الإغلاق القسري في جميع أنحاء العالم بسبب فيروس كورونا، حيث تبين أن الأرض تمكنت من تنظيف نفسها بنفسها خلال أشهر قليلة من جلوس البشر في بيوتهم، وبسرعة غير متوقعة، وذلك من خلال قياس نظافة الهواء والمحيطات والأنهار التي تحسنت بدرجة كبيرة لأسباب رئيسة أولها توقف الطائرات والسيارات عن بث ثاني أكسيد الكربون لفترات لم تشهدها الكرة الأرضية سابقاً، وأفادت الأرقام أيضاً باضطراد اتساع الغابات خلال هذه الفترة وتزايد عدد الحيوانات والطيور بشكل واضح، إذ انتشرت عبر شبكة الإنترنت الفيديوهات التي تظهر أنواعاً من الحيوانات تطير في المدن الفارغة التي تبدو كأن أهلها قد هجروها فجأة، على الأقل في الأشهر الأولى من الحجر العالمي.